للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قريش على الرجوع، واستئصال أهل المدينة احتمله خوف ذلك، وخالص نُصحه للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على أنْ خوَّف قريشًا بأن قال لهم: إني قد تركت محمدًا وأصحابه بحمراء الأسد في جيش عظيم، قد اجتمع له كل من تخلّف عنه، وهم قد تحرَّقوا عليكم، وكأنهم قد أدركوكم، فالنجاء النجاء، وأنشدهم شعرًا، يعظّم فيه جيش محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، ويكثّرهم، وهو مذكور في كتب السّيَر، فقذف الله في قلوبهم الرُّعب، ورجعوا إلى مكة مسرعين خائفين، ورجع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه إلى المدينة مأجورًا منصورًا، كما قال تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤)} [آل عمران: ١٧٤]، وقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: ١٧٣]؛ يعني به: نعيم بن مسعود الذي خوَّف أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقوله: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}؛ يعني به: قريشًا، ذكره القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١).

وفي رواية للبخاريّ: عن هشام، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها -: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢)} [آل عمران: ١٧٢] قالت لعروة: يا ابن أختي كان أبواك منهم: الزبير، وأبو بكر، لَمّا أصاب رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ما أصاب يوم أُحد، وانصرف عنه المشركون، خاف أن يرجعوا، قال: "من يذهب في إثرهم؟ " فانتدب منهم سبعون رجلًا، قال: كان فيهم أبو بكر، والزبير. انتهى.

قال في "الفتح": وقد سُمّي منهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وعمار بن ياسر، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة، وحذيفة، وابن مسعود، أخرجه الطبريّ من حديث ابن عباس، وعند ابن أبي حاتم من مرسل الحسن، ذَكر الخمسة الأوَّلين، وعند عبد الرزاق من مرسل عروة ذَكر ابن مسعود، وقد ذَكرت عائشة في حديث الباب أبا بكر والزبير.

وقال ابن إسحاق: كان أُحُدٌ يوم السبت للنصف من شوال، فلما كان


(١) "المفهم" ٦/ ٢٩١ - ٢٩٢.