للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

باليمن، وأهلها العاقب، واسمه عبد المسيح، والسيد، وأبو الحارث بن علقمة، وأخوه كرز، وأوس، وزيد بن قيس، وشيبة، وخويلد، وعمرو، وعبيد الله، وكان وفد نجران سنة تسع، كما ذكره ابن سعد، وكانوا أربعة عشر رجلًا من أشرافهم، وكانوا نصارى، ولم يُسْلموا إذ ذاك، ثم لم يلبث السيد والعاقب إلا يسيرًا حتى أتيا إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأسلما، وقال ابن إسحاق: قَدِم وفد نصارى نجران ستون راكبًا، منهم أربعة وعشرون رجلًا من أشرافهم، وثلاثة منهم يؤول إليهم أمرهم، وهم العاقب، والسيد، وأبو حارثة، أحد بني بكر بن وائل أسقُفّهم، وصاحب مدارسهم، ولمّا دخلوا المسجد النبويّ دخلوا في تجمّل، وثياب حسان، وقد حانت صلاة العصر، فقاموا يصلّون إلى المشرق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعوهم"، وكان المتكلم أبا حارثة، والسيد، والعاقب، وسألوه أن يرسل معهم أمينًا، فبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح، وكان أبو حارثة يعرف أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن صدّه الشرف والجاه عن اتباع الحقّ (١).

(فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، ابْعَثْ إِلَيْنَا رَجُلًا أَمِينًا، فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - "لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلًا أَمِينًا) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: الأمانة ضدّ الخيانة، وهي عبارة عن قوّة الرجل على القيام بحفظ ما يوكَلُ إلى حفظه، ويُخلَّى بينه وبينه، وهي مأخوذة من قولهم: ناقة أَمُون؛ أي: قويّة على الحمل والسير، فكأن الأمين: هو الذي يوثَق به في حِفظ ما يُوكَلُ إلى أمانته حتى يؤدّيه لقوّته على ذلك. انتهى (٢).

(حَقَّ أَمِينٍ، حَقَّ أَمِينٍ") هكذا مكررًا، ونصب "حقّ" على أنه مصدر مضاف، وهو في موضع الصفة، تقديره: أمينًا محَقَّقًا في أمانته، قاله القرطبيّ (٣)، وقال غيره -رَحِمَهُ اللهُ- أي: بلغ في الأمانة الغاية القصوى، قيل: الأمانة كانت مشتركة بينه وبين غيره من الصحابة، لكن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خصّ بعضهم بصفات غلبت عليه، وكان أخصّ بها، وقيل: خصّه بالأمانة؛ لكمال هذه الصفة فيه،


(١) "عمدة القاري" ١٦/ ٢٣٩.
(٢) "المفهم" ٦/ ٢٩٢.
(٣) "المفهم" ٦/ ٢٩٤.