وقال ابن أبي خيثمة: حدّثنا هارون بن معروف، حدّثنا ضمرة عن ابن شَوْذب قال: لمّا قُتل عليّ سار الحسن في أهل العراق، ومعاوية في أهل الشام، فالتقوا، فكَرِه الحسن القتال، وبايع معاوية على أن يجعل العهد له من بَعده، فكان أصحاب الحسن يقولون له: يا عار أمير المؤمنين، فيقول: العار خير من النار.
وأخرج ابن سعد من طريق مجالد، عن الشعبي وغيره قال: بايع أهل العراق بعد عليّ الحسن بن عليّ، فسار إلى أهل الشام، وفي مقدمته قيس بن سعد في اثني عشر ألفًا، يسمّون شرطة الجيش، فنزل قيس بمسكن من الأنبار، ونزل الحسن المدائن، فنادى منادٍ في عسكر الحسن: ألا إن قيس بن سعد قُتل، فوقع الانتهاب في العسكر، حتى انتهبوا فسطاط الحسن، وطعنه رجل من بني أسد بخنجر، فدعا عمرو بن سلمة الأرحبيّ، وأرسله إلى معاوية يَشترط عليه، وبعث معاوية عبد الرحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر، فأعطيا الحسن ما أراد، فجاء له معاوية من منبج إلى مسكن، فدخلا الكوفة جميعًا، فنزل الحسن القصر، ونزل معاوية النخيلة، وأجرى عليه معاوية في كل سنة ألف ألف درهم، وعاش الحسن بعد ذلك عشر سنين.
قال ابن سعد: وأخبرنا عبد الله بن بكر السهميّ، حدّثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن عمرو بن دينار، قال: وكان معاوية يعلم أن الحسن أكره الناس للفتنة، فراسله، وأصلح الذي بينهما، وأعطاه عهدًا إن حدَث به حدَث، والحسن حيّ ليجعلنّ هذا الأمر إليه، قال: فقال عبد الله بن جعفر: قال الحسن: إني رأيت رأيًا أحب أن تتابعني عليه، قلت: ما هو؟ قال: رأيت أن أعمد إلى المدينة، فأنزلها، وأُخْلي الأمر لمعاوية، فقد طالت الفتنة، وسُفكت الدماء، وقُطعت السبل، قال: فقلت له: جزاك الله خيرًا عن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فبَعث إلى حسين، فذَكر له ذلك، فقال: أعيذك بالله، فلم يزل به حتى رضي.
وقال يعقوب بن سفيان: حدّثنا سعيد بن منصور، حدّثنا عون بن موسى، سمعت هلال بن خباب: جَمَع الحسن رؤوس أهل العراق في هذا القصر، قصر المدائن، فقال: إنكم قد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت، وتحاربوا من حاربت، وإني قد بايعت معاوية، فاسمعوا له وأطيعوا.