أخرجه (المصنّف) هنا [٨/ ٦٢٤٠](٢٤٢٣)، و (الترمذيّ) في "الأدب"(٢٧٧٥)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٥٦١٨)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(٦٢٤٧)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان ما كان عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من كمال الشفقة، ورحمته للصغار، حيث إنه يردفهم أمامه وخلفه، يلاطفهم بذلك، ويؤانسهم.
٢ - (ومنها): بيان جواز استخدام الحرّ باختياره.
٣ - (ومنها): استحباب خدمة الأكابر.
٤ - (ومنها): جواز ركوب ثلاثة على دابة إذا كانت مُطيقة، قال النوويّ رحمه الله: وهذا مذهبنا، ومذهب العلماء كافّةً، وحكى القاضي عن بعضهم مَنْع ذلك مطلقًا، وهو فاسد. انتهى.
وقال في "الفتح": والأصل في ذلك -يعني: مَنْعِ ركوب الثلاثة على دابّة- ما أخرجه الطبرانيّ في "الأوسط" عن جابر: "نهَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يَركب ثلاثة على دابة"، وسنده ضعيف، وأخرج الطبريّ عن أبي سعيد رفعه:"لا يركب الدابة فوق اثنين"، وفي سنده لِيْن، وأخرج ابن أبي شيبة من مرسل زاذان أنه رأى ثلاثة على بغل، فقال: لينزل أحدكم، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن الثالث، ومن طريق أبي بردة عن أبيه نحوه، ولم يصرِّح برفعه، ومن طريق الشعبيّ قوله مثله، ومن حديث المهاجر بن قنفذ أنه لعن فاعل ذلك، وقال: إنا قد نُهينا أن يركب الثلاثة على الدابة، وسنده ضعيف، وأخرج الطبريّ عن عليّ قال: إذا رأيتم ثلاثة على دابة فارجموهم، حتى ينزل أحدهم.
وعكسه ما أخرجه الطبريّ أيضًا بسند جيّد عن ابن مسعود قال: كان يوم بدر ثلاثة على بعير، وأخرج الطبرانيّ، وابن أبي شيبة أيضًا من طريق الشعبيّ، عن ابن عمر قال: ما أبالي أن أكون عاشر عشرة على دابة، إذا أطاقت حمل ذلك.
قال: وبهذا يُجْمَع بين مختلف الحديث في ذلك، فيُحمل ما ورد في الزجر عن ذلك على ما إذا كانت الدابة غير مطيقة؛ كالحمار مثلًا، وعكسه على عكسه؛ كالناقة، والبغلة.