للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَوَاللَّهِ لَا أَدْرِي وَإِنِّي لَسَائِلٌ … أَغَالَكَ بَعْدِي السَّهْلُ أَمْ غَالَكَ الْجَبَلْ

فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ لَكَ الدَّهْرَ أَوْبَةٌ … فَحَسْبِي مِنَ الدُّنْيَا رُجُوعُكَ لِي بَجَلْ (١)

تُذَكِّرِنِيهِ الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا … وَتَعْرِضُ ذِكْرَاهُ إِذَا غَرْبُهَا أَفَلْ

وَإِنْ هَبَّتِ الأَرْيَاحُ هَيَّجْنَ ذِكْرَهُ … فَيَا طُولَ مَا حُزْنِي عَلَيْهِ وَمَا وَجَلْ

سَأَعْمَلُ نَصَّ الْعِيسِ فِي الأَرْضِ جَاهِدًا … وَلَا أَسْأَمُ التَّطْوَافَ أَو تَسْأَمُ الإِبِلْ

حَيَاتِيَ أَو تَأْتِي عَلَيَّ مَنِيَّتِي … فَكُلُّ امْرِئٍ فَانٍ وَإِنْ غَرَّهُ الأَمَلْ (٢)

ويقول فيها أيضًا:

أُوَصِّي بِهِ عَمْرًا وَقَيْسًا كِلَاهُمَا … وَأُوصِي يَزِيدَ ثُمَّ بَعْدَهُمُ جَبَلْ

يعني: بعمرو وقيس: أخويه، وبيزيد: أخا زيد لأمه، وهو يزيد بن كعب بن شراحيل، وبجبل: وَلَده الأكبر، قال: فحجّ ناس من كلب، فرأوا زيدًا، فعرفهم، وعرفوه، فقال: أبلغوا أهلي هذه الأبيات [من الطويل]:

أَحِنُّ إِلَي قَوْمِي وَإِنْ كُنْتُ نَائِيًا … بِأَنِّي قَطِينُ الْبَيْتِ عِنْدَ الْمَشَاعِرِ

في أبيات، فانطلقوا، فأعلموا أباه، ووصفوا له موضعًا، فخرج حارثة وكعب أخوه بفدائه، فقدما مكة، فسألا عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقيل: هو في المسجد، فدخلا عليه، فقالا: يا ابن عبد المطلب يا ابن سيد قومه، أنتم أهل حرم الله، تُفكّون العاني، وتُطعمون الأسير، جئناك في ولدنا عبدك، فامنن علينا، وأحسن في فدائه، فإنا سنرفع لك، قال: "وما ذاك؟ " قالوا: زيد بن حارثة، فقال: "أو غير ذلك؟ ادعوه، فخيِّروه، فإن اختاركم فهو لكم بغير فداء، وإن اختارني فوالله، ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء"، قالوا: زدتنا على النصف، فدعاه، فقال: "هل تعرف هؤلاء؟ " قال: نعم، هذا أبي، وهذا عمي، قال: "فأنا من قد علمت، وقد رأيت صحبتي لك، فاخترني، أو اخترهما"، فقال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدًا، أنت مني بمكان الأب والعم، فقالا: ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية، وعلى أبيك وعمك، وأهل بيتك؟ قال: نعم إني قد رأيت من هذا الرجل شيئًا، ما أنا بالذي أختار عليه أحدًا،


(١) بجل كنَعَم وزنًا ومعنى.
(٢) هذه الأبيات من تفسير القرطبيّ ١٤/ ١١٨.