[تنبيه]: كان تجهيز أسامة -رضي الله عنه- يوم السبت قبل موت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بيومين، وكان ابتداء ذلك قبل مرض النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فندب الناس لغزو الروم في آخر صفر، ودعا أسامة، فقال:"سِرْ إلى موضع مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد وَلّيتك هذا الجيش، وأَغِر صباحًا على أُبْنَى، وحَرِّق عليهم، وأسرع المسير تسبق الخبر، فإن ظَفّرك الله بهم، فأقلّ اللُّبْث فيهم"، فبدأ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعه في اليوم الثالث، فعقد لأسامة لواءً بيده، فأخذه أسامة، فدفعه إلى بريدة، وعَسْكَر بالْجُرُف، وكان ممن انتدب مع أسامة كبار المهاجرين، والأنصار، منهم أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة، وسعد، وسعيد، وقتادة بن النعمان، وسلمة بن أسلم، فتكلم في ذلك قوم، منهم عياش بن أبي ربيعة المخزوميّ، فرَدّ عليه عمر، وأخبر النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فخطب بما ذُكِر في هذا الحديث، ثم اشتدّ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعه، فقال: أنفِذُوا بَعْث أسامة، فجهّزه أبو بكر بعد أن استُخلف، فسار عشرين ليلة إلى الجهة التي أُمر بها، وقَتَل قاتل أبيه، ورجع بالجيش سالِمًا، وقد غَنِموا.
وكانت آخر سريّة جهّزها النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأول شيء جهّزه أبو بكر -رضي الله عنه -.
قال الحافظ: وقد أنكر ابن تيمية في كتاب الردّ على ابن المطهر أن يكون أبو بكر، وعمر، كانا في بعث أسامة، ومستند ما ذكره ما أخرجه الواقديّ بأسانيده في "المغازي"، وذكره ابن سعد أواخر الترجمة النبوية بغير إسناد، وذكره ابن إسحاق في السيرة المشهورة، ولفظه: بدأ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعه يوم الأربعاء، فأصبح يوم الخميس، فعقد لأسامة، فقال: اغْزُ في سبيل الله، وسِرْ إلى موضع مقتل أبيك، فقد ولّيتك هذا الجيش، فذكر القصة، وفيها لم يبق أحد من المهاجرين الأولين إلا انتدب في تلك الغزوة، منهم أبو بكر وعمر، ولمّا جهّزه أبو بكر بعد أن استُخلف سأله أبو بكر أن يأذن لعمر بالإقامة، فأَذِن، ذكر ذلك كله ابن الجوزيّ في "المنتظم" جازمًا به، وذكر الواقديّ، وأخرجه ابن عساكر من طريقه مع أبي بكر وعمر: أبا عبيدة، وسعدًا، وسعيدًا، وسلمة بن أسلم، وقتادة بن النعمان، والذي باشر القول ممن نُسب إليهم الطعن في إمارته: عياش بن أبي ربيعة، وعند الواقديّ أيضًا أن عِدّة