للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"حملنا" هنا عائد على عبد الله بن جعفر، والمتروك ابن الزبير، وربما أوهم ظاهره خلاف ذلك، بدليل الحديث الآخر بعده، وفي مسلم: عن عبد الله بن جعفر أنه -صلى الله عليه وسلم- قَدِم من سفر، فسُبق بي إليه، فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابني فاطمة، فأردفه خلفه، وكذا وقع في مُصَنَّف ابن أبي شيبة، وكتاب ابن أبي خيثمة أن القائل أوّلًا عبد الله بن جعفر، وحَمَله عليه أوّلًا، وهو الأشبه بأن يكون ابن جعفر المحمول؛ لِقُرباه، وذكر البخاريّ الحديث، والنسائيّ، وقال في أوله: إن ابن الزبير قال لابن جعفر، ويأتي الجواب عليه بقوله: "قال: نعم، فحملنا" أبين لما ذكر من كتاب المحمول والمتروك، والأول يحتاج إلى إضمار "قال"، وعَوْد الكلام إلى ابن جعفر، وتقديم "نعم" قبل ذِكر تمام كلام ابن جعفر بقوله: "فحملنا، وتركك". انتهى كلام القاضي -رحمه الله- (١).

قال الجامع عفا الله عنه: كلام القاضي هذا يقتضي تصحيح رواية مسلم بتأويل التقديم والتأخير، والأصل: "أتذكر إذ تلقينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنا وأنت، وابن عبّاس، فحملنا، وتركك؟، قال: نعم"، وهذا التأويل صحيح، إلا أنه يعارض كون المستفهم عند مسلم هو ابن جعفر كونه عند البخاريّ ابن الزبير، والذي يظهر لي أن ما في البخاريّ هو الصحيح، كما يأتي في كلام الحافظ؛ لأن ما في مسلم من رواية ابن عليّة، وقد خالفه فيه عند البخاريّ: يزيد بن زريع، وحميد بن الأسود كلاهما عن حبيب بن الشهيد، فجعلا المستفهم هو ابن الزبير، وعليه يلتئم جواب ابن جعفر له بـ "نعم، فحملنا وتركك" دون أيّ إشكال، ودون دعوى التقديم والتأخير، فتنبّه.

ودونك نصّ البخاريّ -رحمه الله-:

(٢٩١٦) - حدّثنا عبد الله بن أبي الأسود، حدّثنا يزيد بن زريع، وحميد بن الأسود، عن حبيب بن الشهيد، عن ابن أبي مليكة، قال ابن الزبير لابن جعفر -رضي الله عنهم-: "أتذكر إذ تلقينا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أنا وأنت، وابن عباس، قال: نعم، فحملنا، وتركك". انتهى (٢).


(١) "مشارق الأنوار" ٢/ ٣٧٤.
(٢) "صحيح البخاري" ٣/ ١١٢١.