للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إياها، ووقع في رواية أصرح من هذا، حيث قال فيها: "من كثرة ذِكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إياها".

وأصل غيرة المرأة من تخيّل محبة غيرها أكثر منها، وكثرةُ الذِّكر تدل على كثرة المحبة.

وقال القرطبيّ: مرادها بالذِّكر لها: مدحها، والثناء عليها.

ووقع عند النسائيّ من رواية النضر بن شُميل عن هشام: "من كثرة ذِكره إياها، وثنائه عليها"، فعَطْف الثناء على الذِّكر من عَطْف الخاصّ على العامّ، وهو يقتضي حمل الحديث على أعمّ مما قاله القرطبيّ، قاله في "الفتح" (١).

(مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ) قال الطيبيّ -رحمه الله-: "ما" يجوز أن تكون مصدريّةً، أو موصولةً؛ أي: ما غرتُ مثلَ غيرتي، أو مثل التي غِرتها. انتهى (٢).

(وَلَقَدْ هَلَكَتْ)؛ أي: ماتت خديجة -رضي الله عنها- (قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي) أشارت بهذا إلى أنها لو كانت موجودة في زمانها لكانت غيرتها منها أشدّ. (بِثَلَاثِ سِنِينَ) قال النوويّ: أرادت بذلك زمن دخولها عليه، وأما العقد فتقدم على ذلك بمدة سنة ونصف، أو نحو ذلك. انتهى (٣).

وللحافظ تعقّب على كلام النوويّ هذا، حيث قال: إن المدة بين العقد عليها، والدخول بها كان أكثر من ذلك (٤).

وقولها: (لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا) وفي رواية عبد الله الْبَهِيّ، عن عائشة عند الطبرانيّ: "وكان إذا ذَكَر خديجة لم يسأم من ثناءٍ عليها، واستغفارٍ لها". انتهى (٥).

قال القرطبيّ -رحمه الله-: هذا بيان للسبب الحامل لها على الغيرة، قال القرطبيّ -رحمه الله-: قولها: "يذكرها"؛ أي: يمدحها، ويثني عليها، ويذكر فضائلها،


(١) "الفتح" ٨/ ٥٢٣، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٨١٦).
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ١٢/ ٣٩٢١.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ٢٠١.
(٤) "الفتح" ٨/ ٥٢٤، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٨١٦).
(٥) "الفتح" ٨/ ٥٢٥.