للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢ - (ومنها): أن البخاريّ -رحمه الله- استدلّ به على جواز النظر للمرأة الأجنبيّة قبل أن يتزوّجها، فقال: "باب النظر إلى المرأة قبل التزويج"، قال ابن المنير -رحمه الله-: في الاحتجاج بهذا الحديث للترجمة نظرٌ؛ لأن عائشة -رضي الله عنها- كانت إذ ذاك في سنّ الطفولية، فلا عورة فيها البتة، ولكن يستأنس به في الجملة في أن النظر إلى المرأة قبل العقد فيه مصلحة ترجع إلى العقد. انتهى.

٣ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "إن يك من عند الله يُمضِه" ظاهره الشَّك في صحة هذه الرؤيا، فإنْ كان هذا منه -صلى الله عليه وسلم- قبل النبوة، فلا إشكال فيه؛ لأنَّ حُكمه حُكم البشر، وأما إن كان بعد النبوة فهو مشكِل؛ إذ رؤيا الأنبياء وحي كما تقدَّم، والوحي لا يُشَكّ فيه، وقد انفُصِل عن هذا بأن قيل: إنَّ شكه لم يكن في صحة أصل الرؤيا، وإن ذلك من الله، ولكن في كون هذه الرؤيا على ظاهرها، فلا تحتاج إلى تعبير، أو المقصود بها معناها، فتحتاج إلى تعبير، أو في كونها امرأته في الدنيا، أو في الآخرة.

وقيل: لم يكن عنده شك في ذلك، بل محققًا له، لكنه أتى به على صورة الشك، وهو غير مراد، كما قال الشاعر [من الطويل]:

أيا ظَبْيَة الوَغْساءِ بَيْنَ حَلاحِل … وبَيْنَ النَّقا أَأَنْتِ أَمْ أُمُّ سَالِمِ؟

وهذا نوع من أنواع البلاغة معروف عند أهلها يسمى: تجاهل العارف، وقد سُمِّي مزج الشك باليقين، ونحو منه قوله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: ٩٤]، ونحوه، وقوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (١١١)} [الأنبياء: ١١١]، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يشك في شيء من ذلك، لكن أتى به على التقدير، لا التحقيق. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:

[٦٢٦٤] (. . .) - (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، جَمِيعًا عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإسْنَادِ نَحْوَهُ).


(١) "المفهم" ٦/ ٣٢١ - ٣٢٢.