و (ابن الجوزيّ) في "العلل المتناهية"(٩٧٠)، والصحيح وَقْفه، كما هو عند المصنّف، فتنبّه.
وأما حديث أسامة - رضي الله عنه - المرفوع فأخرجه أيضًا هنا [١٦/ ٦٢٩٥](٢٤٥١)، و (البخاريّ) في "المناقب"(٣٦٣٤) و"فضائل القرآن"(٤٩٨٠)، و (البزّار) في "مسنده"(٦/ ٥٠٢)، و (أحمد) في "الزهد"(١/ ١٥٠)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): أن فيه منقبةً لأم سلمة - رضي الله عنها -.
٢ - (ومنها): جواز رؤية البشر الملائكة، ووقوع ذلك، ويرونهم على صورة الآدميين؛ لأنهم لا يقدرون على رؤيتهم على صُوَرهم، وكان النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرى جبريل على صورة دحية غالبًا، ورآه مرتين على صورته الأصلية.
٣ - (ومنها): ما قال القاضي عياض وغيره: في هذا الحديث أن للملَك أن يتصور على صورة الآدميّ، وأن له هو في ذاته صورة لا يستطيع الآدميّ أن يراه فيها؛ لِضَعف القُوَى البشرية، إلَّا من يشاء الله أن يقوّيه على ذلك، ولهذا كان غالب ما يأتي جبريل إلى النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صورة الرجل كما تقدم، في ذِكر بدء الوحي:"وأحيانًا يتمثّل لي المَلَك رجلًا"، ولم ير - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جبريل على صورته التي خُلق عليها إلَّا مرتين، كما ثبت في "الصحيحين".
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قد تقدَّم القول في تمثّل الملائكة والجن في الصور المختلفة، وأن لهم في أنفسهم صورًا خلقهم الله تعالى عليها، وأن الإيمان بذلك كله واجب؛ لِمَا دلَّ عليه من السمع الصادق. انتهى (١).
٤ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: ويفيد هذا الحديث أن الأسواق إذا كانت موطن الشياطين، ومواضع لهلاك الناس، فينبغي للإنسان أن لا يدخلها إلَّا بحكم الضرورة، ولذلك قال:"لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها"، ولأن من كان أول داخل فيها، وآخر خارج منها كان ممن استحوذ عليه الشيطان، وصَرَفه عن أمور دينه، وجعل همَّه