للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أسلمت، فإني لا أريد منك صداقًا غيره، قال: حتى أنظر في أمري، فذهب، ثم جاء، فقال: أشهد أن لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله، فقالت: يا أنس زوِّج أبا طلحة، فزوّجها، ولهذا الحديث طرق متعددة. انتهى من الإصابة" باختصار (١).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أم سليم هذه هي: ابنةُ مِلْحان بن زيد بن حرام من بني النجار، وهي: أمُّ أنس بن مالك بن النَّضر، كانت أسلمت مع قومها، فغضب مالك لذلك، فخرج إلى الشام، فهلك هنالك كافرًا، وقيل: قتل، ثم خطبها بعده أبو طلحة، وهو على شِركه، فأَبَتْ حتى يُسْلِم، وقالت: لا أريد منه صداقًا إلَّا الإسلام، فأسلم، وتزوَّجها، وحَسُن إسلامه، فولدت له غلامًا كان قد أُعجب به، فمات صغيرًا، ويقال: إنه أبو عُمير صاحب النُّغير، وكان أبو طلحة غائبًا حين مات، فغطّته أم سليم، فجاء أبو طلحة، فسأل عنه، فكتمت موته، ثم إنها تصنَّعت له، فأصاب منها، ثم أعلمته بموته، فشقّ ذلك عليه، ثم إنه أتى النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخبره، فدعا لهما النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: "بارك الله لكما في غابر ليلتكما"، فبورك لهما بسبب تلك الدَّعوة، وولدت له عبد الله بن أبي طلحة، وهو والد إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الفقيه، وإخوته كانوا عشرة كلهم حُمِل عنه العلمُ، وإسحاق هو شيخ مالك رحمهما الله.

واختُلف في اسم أم سليم، فقيل: سهلة. وقيل: رملة. وقيل: مليكة. وهي الغُميصاء المذكورة في الحديث، ويقال: الرُّميصاء، وقيل: إن الرميصاء بالراء هي: أم حرام أختها، وخالة أنس، والغميصاء: مأخوذ من الغمص، وهو ما سال من قذى العين عند البكاء والمرض، يقال بالصاد والسين، والرمص - بالراء -: ما تجمَّد منه، قاله يعقوب وغيره.

وكانت أم سليم من عقلاء النساء، وفضلائهن، شهدت مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُحدًا، وحنينًا، روت عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث، خرّج لها في "الصحيحين" أربعة أحاديث. انتهى (٢).


(١) "الإصابة في تمييز الصحابة" ٨/ ٢٢٧ - ٢٢٩.
(٢) "المفهم" ٦/ ٣٦٣.