للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أبو زرعة الدمشقيّ: عاش بعد النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعين سنة، وكأنه أخذه من رواية شعبة، عن ثابت، عن أنس، قال: كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أجل الغزو، فصام بعده أربعين سنة، لا يُفطر إلَّا يوم أضحى، أو فِطر، قال الحافظ: فعلى هذا يكون موته سنة خمسين، أو سنة إحدى وخمسين، وبه جزم المدائنيّ، ويؤيده ما أخرجه في "الموطأ"، وصححه الترمذيّ من رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة؛ أنه دخل على أبي طلحة، فذكر الحديث في التصاوير، وعبيد الله لَمْ يُدرِك عثمان، ولا عليًّا، فدلّ على تأخر وفاة أبي طلحة، وقال ثابت، عن أنس أيضًا: مات أبو طلحة غازيًا في البحر، فما وجدوا جزيرة يدفنونه فيها إلَّا بعد سبعة أيام، ولم يتغيّر، أخرجه الفسوي في "تاريخه"، وأبو يعلى، وإسناده صحيح.

وروى مسلم وغيره من طريق ابن سيرين، عن أنس؛ أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمّا حَلَق شعره بمنى فرّق شقه الأيمن على أصحابه الشعرة والشعرتين، وأعطى أبا طلحة الشق الأيسر كله، وفي "الصحيحين"، عن أنس: لمّا نزلت: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢]، قال أبو طلحة لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن أحب أموالي إلي بِيْرُحا، وإنها صدقة أرجو برّها، وذُخرها، فقال النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "بخ بخ، ذاك مال رابح. . ." الحديث. انتهى (١).

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّلَ الكتاب قال:

[٦٣٠٢] (٢١٤٤) (٢) - (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَة، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: مَاتَ ابْنٌ لأَبِي طَلْحَةَ، مِنْ أُمِّ سُلَيْم، فَقَالَتْ لأَهْلِهَا: لَا تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بِابْنِه، حَتَّى كُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ، قَالَ: فَجَاءَ، فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ عَشَاءً، فَأَكَلَ، وَشَرِبَ، فَقَالَ: ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَوَقَعَ بِهَا، فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبعَ، وَأَصَابَ مِنْهَا، قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا أَعَارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ، فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ، أَلَهُمْ أَنْ


(١) "الإصابة في تمييز الصحابة" ٢/ ٦٠٧.
(٢) هذا الرقم مكرّر، فقد مرَّ قبل هذا، فتنبّه.