للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذلك الوقت ليس وقت ولادتها، (انْطَلِقْ)؛ أي: اذهب معه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا تتأخّر عنه بسببي؛ لعدم ما يوجب ذلك من شأن الولادة، قال: (فَانْطَلَقْنَا)؛ أي: لحقنا بالنبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وذهبنا معه. (قَالَ: وَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ)؛ أي: أخذ أم سُليم وجع الولادة (حِينَ قَدِمَا) من ذلك السفر؛ والمعنى: أن أم سُليم ما ولدت حتى قدِمت المدينة، (فَوَلَدَتْ غُلَامًا) هو عبد الله، كما سمّاه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (فَقَالَتْ لِي أُمِّي) أم سليم بعدما ولدت: (يَا أَنَسُ لَا يُرْضِعُهُ) بضمّ أوله، من الإرضاع، (أَحَدٌ) من الناس (حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ)؛ أي: تذهب به وقت الغدوّ، وهو أول النهار، (عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وفي رواية ابن حبّان في "صحيحه": فحَمَلت بعبد الله بن أبي طلحة، حتى إذا وضعت، وكان يوم السابع، قالت لي أم سليم: يا أنس اذهب بهذا الصبيّ، وهذا الْمِكتل، وفيه شيء من عجوة إلى النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى يكون هو الذي يحنكه، ويسمّيه، قال: فأتيت به النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فمدّ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجليه، وأضجعه في حِجره، وأخذ تمرةً، فَلَاكَها، ثم مَجّها في في الصبيّ، فجعل يتلمّظها، فقال النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أبت الأنصار إلَّا حُبّ التمر". انتهى.

(فَلَمَّا أَصْبَحَ)؛ أي: دخل في الصباح، (احْتَمَلْتُهُ) مبالغة في الحمل، (فَانْطَلَقْتُ بِهِ)؛ أي: ذهبت بالغلام (إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: فَصَادَفْتُهُ)؛ أي: وجدته (وَمَعَهُ مِيسَمٌ) جملة في محل نصب على الحال؛ أي: والحال أن معه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِيسم، وهو بكسر الميم: آلة الوسم، وهي المِكْواة، يقال: وَسَمْتُ الشيءَ وَسْمًا، من باب وَعَدَ، والاسم: السّمَةُ، وهي العَلامَةُ، ومنه المَوْسِمُ؛ لأنه مَعْلَمٌ يُجتَمَع إليه، ثم جُعل الوَسْمُ اسمًا، وجُمع على وُسُومٍ، مثل فَلْس وفُلوس، وجَمْع السِّمَةِ سِمَاتٌ، مثل عِدَةٍ وعِدَاتٍ، واسْمُ الآلة التي يُكْوَى بها، ويُعْلَمُ: مِيسَمٌ بكسر الميم، وأصله الواو، ويُجمع تارة باعتبار اللفظ، فيقال: مَيَاسِمُ، وتارة باعتبار الأصل، فيقال: مَوَاسِمُ، قاله الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

وإنما كان معه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المِيسم؛ لأنه كان يسِم إبل الصدقة في ذلك الوقت.

(فَلَمَّا رَآنِي قَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَعَلَّ أمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ، قُلْتُ: نَعَمْ، فَوَضَعَ الْمِيسَمَ، قَالَ: وَجِئْتُ بِهِ)؛ أي: بالغلام (فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحاء المهملة، وسكون


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٦٠.