للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أنس: (فَمَسَحَ) النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَجْهَهُ)؛ أي: وجه ذلك الصبيّ، (وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ) وبارك الله تعالى لهما فيه، فوَلَد له أولاد، فله من الأولاد فيما ذَكَر ابن سعد وغيره من أهل العلم بالأنساب: إسحاق، وإسماعيل، وعبد الله، ويعقوب، وعمر، والقاسم، وعمارة، وإبراهيم، وعُمير، وزيد، ومحمدٌ، وأربع من البنات. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.

قال في "العمدة": يستفاد من الحديث عدم إظهار الحزن عند المصيبة، كما فعلت أم سليم - رضي الله عنها -، فإنها اختارت الصبر، وقهرت نفسها، وفيه منقبة عظيمة لأم سليم - رضي الله عنهما - بصبرها ورضائها بقضاء الله تعالى، وفيه جواز الأخذ بالشدّة، وتَرْك الرخصة لمن قَدَر عليها، وأن ذلك مما ينال به العبد رفيع الدرجات، وجزيل الأجر، وفيه أن المرأة تتزيّن لزوجها تعرّضًا للجماع، وفيه أن من ترك شيئًا لله تعالى، وأَثر ما نَدَب إليه، وحَضَّ عليه من جميل الصبر أنه يُعَوَّض خيرًا مما فاته، إلا ترى قوله: فرأيت تسعة أولاد كلهم قد قرأوا القرآن، وفيه مشروعية المعاريض الموهِمة إذا دعت الضرورة إليها، وشَرْط جوازها أن لا تُبْطل حقًّا لمسلم، وفيه إجابة دعوة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وصنيع أم سليم - رضي الله عنها -، ووَعْظها لأبي طلحة يدلّ على كمال عقلها، وفضلها، وعِلمها، وملازمةُ أبي طلحة ليكون مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سفره وحَضَره، ومدخله ومخرجه دليل على كمال محبته للنبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وصِدق رغبته في الجهاد، والخير، وتحصيل العلم، ورفعُ وَجَع المخاض - وهو الولادة - عن أم سليم عند دعاء أبي طلحة دليل على كرامات الأولياء، وإجابة دعواتهم، وأن أبا طلحة وأم سليم منهم. انتهى (٣).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: في الحديث: استجابةُ دعاء النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فحملت بعبد الله بن أبي طلحة في تلك الليلة، وجاء مِن ولده عشرة رجال علماء أخيار، وفيه كرامة ظاهرة لأبي طلحة، وفضائل لأم سليم، وفيه تحنيك المولود، وأنه يُحمل أَبِي صالح ليحنكه، وأنه يجوز تسميته في يوم ولادته،


(١) "الفتح" ٤/ ٥٩، كتاب (الجنائز، رقم (١٣٠١).
(٢) "عمدة القاري" ٨/ ٩٩.
(٣) "المفهم" ٦/ ٣٦٥ - ٣٦٦.