للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال البخاريّ: مات قبل قَتْل عمر، وقال أبو نعيم وغيره: مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: مات سنة ثلاث، وقيل: مات بالكوفة، والأول أثبت، ذكره في "الإصابة" (١).

وقال في "الفتح": هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن هُذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، مات أبوه في الجاهلية، وأسلمت أمه، وصَحِبت، فلذلك نُسب إليها أحيانًا، وكان هو من السابقين، وقد روى ابن حبان أنه كان سادس ستة في الإسلام، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرًا، وولي بيت المال بالكوفة لعمر وعثمان، وقَدِم في أواخر عمره المدينة، ومات في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين، وقد جاوز الستين، وكان من علماء الصحابة، وممن انتشر علمه بكثرة أصحابه، والآخذين عنه. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يُكنى؛ أبا عبد الرَّحمن، وأمه؛ أم عبد بنت عبد ودّ الهذلية أيضًا، أسلم قديمًا، وكان سبب إسلامه: أنه كان يرعى غنمًا لعقبة بن أبي مُعَيط، فمرَّ به رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: "يا غلام! هل من لبن؟ " قال: نعم! ولكني مؤتمَن. قال: "فهل من شاة حائل لَمْ يَنْزُ عليها الفحل؟ "، فأتيتهُ بشاة شَصُوص - أي: لا لبن لها - فمسح ضرعها، فنزل اللبن، فحلب في إناء، وشرب، وسقى أبا بكر، ثم قال للضرع: "اقلص"، فقلص، فقلت: يا رسول الله! علّمني من هذا القول، فقال: "رحمك الله! إنك غُلَيِّمٌ معلَّمٌ"، فأسلم، وضمَّه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إليه، فكان يَلِجُ عليه، ويُلبسه نعله، ويمشي أمامه، ومعه، ويستره إذا اغتسل، ويوقظه إذا نام، وقال له: "إذنك عليّ أن ترفع الحجابَ، وأن تسمع سِوَادي، حتى أنهاك"، وكان يعرف في الصحابة بصاحب السِّرار، والسَّواد، والسِّواك، هاجر هجرتين إلى أرض الحبشة، ثم من مكة إلى المدينة، وصلَّى القبلتين، وشهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مشاهده كلها، وكان يُشَبَّهُ في هديه وسَمْته برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وشهد له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجنة، وشهد له كبراء أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأنه مِن أعلمِهم بكتاب الله قراءةً وعلمًا، وفضائله كثيرة.


(١) "الإصابة في تمييز الصحابة" ٤/ ٢٣٤.
(٢) "الفتح" ٨/ ٤٧١، كتاب "فضائل الصحابة" رقم (٣٧٥٩).