للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ) عوف بن مالك بن نَضْلَة؛ أنه (قَالَ: كُنَّا فِي دَارِ أَبِي مُوسَى) الأشعريّ - رضي الله عنه - (مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ) بن مسعود - رضي الله عنه - (وَهُمْ يَنْظُرُونَ فِي مُصْحَفٍ) بضمّ الميم، أشهر من كسرها، قاله الفيّوميّ (١)، وقال المجد: مثلّث الميم (٢)، ولعلّهم كانوا يقابلون بعضه ببعض، أو يتدارسونه، والله تعالى أعلم، (فَقَامَ عَبْدُ اللهِ) بن مسعود - رضي الله عنه - من المجلس لبعض حاجته، وهذه الرواية تدلّ على أنَّ ابن مسعود - رضي الله عنه - كان في ذلك الوقت حيث أثنى عليه أبو مسعود موجودًا، والرواية السابقة تدلّ على أنه كان بعد موته، ويمكن الجمع بأنه كان ذلك مرّتين، فمرّة أثنى عليه وهو حيّ، ومرّةً وهو ميت، والله تعالى أعلم (٣).

(فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ) عقبة بن عمرو البدريّ - رضي الله عنه -: (مَا) نافية، (أَعْلَمُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَ بَعْدَهُ أَعْلَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ)؛ أي: من القرآن الكريم، (مِنْ هَذَا الْقَائِمِ) قال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: يعني: ابن مسعود خصّه بما أنزل الله، وبعلم القرآن، ولا يقال: إنه أعلم من أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ على الجملة، وقد يكون أحد الرجلين أعلم من الآخر بالجملة، والأقلّ علمًا أعلم بباب من العلم، ألا تراه كيف قال عن نفسه في الحديث الآخر: "لقد عَلِم أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أني أعلم بكتاب الله، وما من كتاب الله آية إلَّا أعلم فيمن نزلت، ولا سورة إلَّا أعلم حيث نزلت". انتهى (٤).

(فَقَالَ أَبُو مُوسَى) الأشعريّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مبيّنًا سبب كون ابن مسعود - رضي الله عنه - أعلم بكتاب الله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمَا) أداة استفتاح، وتنبيه، كـ "إلا"، (لَئِنْ) اللام هي الموطّئة للقَسَم؛ أي: والله لئن (قُلْتَ ذَاكَ)؛ أي: الذي قلته من كونه أعلم بما في كتاب الله، (لَقَدْ كَانَ يَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا، ويؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا)؛ يعني: أنه إنما حصل له هذا الفضل بسبب ملازمته النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلًا ونهارًا، وحضرًا وسفرًا.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٣٣٤.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٧٢٩.
(٣) راجع: "تكملة فتح الملهم" ٥/ ١٩٧ - ١٩٨.
(٤) "إكمال المعلم" ٧/ ٤٨٩ - ٤٩٠.