للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال النوويّ: هو بحاء، ثم جيم، هكذا هو في معظم نُسخ بلادنا، وفي بعضها بتقديم الجيم على الحاء، وادَّعى القاضي عياض أن الرواية بتقديم الجيم، ولم يذكر غيره، قال: فهما لغتان، ومعناهما: تأخروا، وكَفُّوا. انتهى (١).

وإنما أحجم القوم بعدما كثُر اشتياقهم إلى هذا السيف؛ لأنهم عرفوا أن الوفاء بحقّ سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر خطيرٌ، وخافوا أن يلحقهم العجز في ذلك، أو فهِموا أن طلب السيف بعد العلم بأنّ أخْذه مشروط بأداء حقّه ربما يكون فيه ادّعاء مذموم (٢).

(فَقَالَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ أَبُو دُجَانَةَ: أَنَا آخُذُهُ بِحَقِّه، قَالَ) أنس: (فَأَخَذَهُ)؛ أي: مشترطًا أخْذه بحقّه، (فَفَلَقَ بِهِ هَامَ الْمُشْرِكِينَ)؛ أي: فوفى بحقّه، وذلك أن فلق به؛ أي: شقّ بذلك السيف رؤوس المشركين.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "هام المشركين" مخففًا؛ يعني: رؤوسهم. قال الشاعر [من الوافر]:

وَنَضْرِبُ بِالسُّيُوفِ رُؤُوسَ قَوْمٍ … أَزَلْنا هَامَهُنَّ عَنِ الْمَقِيلِ

المقيل: أصول الأعناق (٣).

والله تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنف) هنا [٢٥/ ٦٣٣٣] (٢٤٧٠)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (٧/ ٣٦٩)، و (أحمد) في "مسنده" (٣/ ١٢٣)، و (عبد بن حميد) في "مسنده" (١٣٢٧)، و (ابن سعد) في "الطبقات" (٣/ ٥٥٦)، و (الحاكم) في "المستدرك" (٣/ ٢٥٥)، والله تعالى أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ٢٤.
(٢) "تكملة فتح الملهم" ٥/ ٢٠٧.
(٣) "المفهم" ٦/ ٣٨٥.