للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَأَتَى الْعَبَّاسُ) بن عبد المطّلب - رضي الله عنه -، (فَأَكَبَّ عَلَيْهِ) قال في "المشارق": كذا للكافّة، وعند العذريّ: "فكَبَّ"، وهو خطأ، والأول الصواب. انتهى (١).

وقال الفيّوميّ: كَبَبْتُ الإناءَ كَبًّا، من باب قتل: قلبته على رأسه، وكَبَبْتُ زيدًا كَبًّا أيضًا: ألقيته على وجهه، فأكَبَّ هو بالألف، وهو من النوادر التي تَعَدَّى ثلاثيها، وقَصَر رباعيها، وفي التنزيل: {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [النمل: ٩٠]، {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} [الملك: ٢٢]، وأَكَبَّ على كذا بالألف: لازمه. انتهى (٢).

وقال المجد: كبّه: قَلَبه، وصَرَعه، كأكبّه، وكبكبه، فأكبَّ، وهو لازم متعدّ، وأكبّ عليه: أقبل، ولزم. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: أفادت عبارة المجد أن أكبّ يتعدّى ويلزم، خلاف ما قاله الفيّوميّ، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(فَقَالَ) العبّاس: (ويلَكُمْ)؛ أي: ألزمكم الله الويل، وهو شدّة العذاب، أو واد في جهنّم. (أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غِفَارٍ، وَأَنَّ طَرِيقَ تُجَّارِكُمْ) وفي بعض النُّسخ: "تجارتكم"، (إِلَى الشَّامِ عَلَيْهِمْ، فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ)؛ أي: خلّصه من أذاهم، (ثُمَّ عَادَ) أبو ذرّ (مِنَ الْغَدِ)؛ أي: اليوم الثاني، (بِمِثْلِهَا)؛ أي: الكلمة التي قالها بالأمس، وهي كلمة التوحيد، (وَثَارُوا إِلَيْه، فَضَرَبُوهُ، فَكَبَّ عَلَيْهِ الْعَبَّاسُ، فَأَنْقَذَه)؛ أي: خلّصه منهم.

قال في "الفتح" ما حاصله: الحديث يدلّ على تقدم إسلام أبي ذرّ، لكن الظاهر أن ذلك كان بعد المبعث بمدة طويلة؛ لِمَا فيه من الحكاية عن عليّ - رضي الله عنه -، ومن قوله أيضًا في رواية عبد الله بن الصامت: "إني وُجِّهَتْ لي أرض ذات نخل"، فإن ذلك يُشعر بأن وقوع ذلك كان قرب الهجرة، والله أعلم. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم.


(١) "مشارق الأنوار" ١/ ٣٣٤.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٢٣.
(٣) "الفتح" ٨/ ٥٨٢ - ٥٨٦، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٨٦١).