للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعليّ في الجنة. . ." إلى آخر العشرة، وثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر بأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن عُكاشة منهم، وثابت بن قيس، وغيرهم، وليس هذا مخالفًا لقول سعد، فإن سعدًا قال: ما سمعته، ولم ينف أصل الإخبار بالجنة لغيره، ولو نفاه كان الإثبات مقدَّمًا عليه. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (١)، وهو تحقيق نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

وقال في "الفتح": استُشكل حديث سعد هذا بأنه - صلى الله عليه وسلم - قد قال لجماعة: إنهم من أهل الجنة غير عبد الله بن سلام، ويبعد أن لا يطّلع سعد على ذلك.

وأجيب بأنه كَرِه تزكية نفسه؛ لأنه أحد العشرة المبشرة بذلك.

وتُعُقِّب بأنه لا يستلزم ذلك أن ينفي سماعه مثل ذلك في حقّ غيره.

قال الحافظ: ويظهر لي في الجواب أنه قال ذلك بعد موت المبشَّرين؛ لأن عبد الله بن سلام عاش بعدهم، ولم يتأخر معه من العشرة غير سعد وسعيد، ويؤخذ هذا من قوله: "يمشي على الأرض".

قال: لكن وقع عند الدارقطنيّ من طريق سعيد بن داود، عن مالك، ما يعكر على هذا التأويل، فإنه أورده بلفظ: "سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا أقول لأحد من الأحياء: إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام، وبلغني أنه قال: وسلمان الفارسيّ"، لكن هذا السياق منكَر، فإن كان محفوظًا حُمِل على أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك قديمًا قبل أن يبشّر غيره بالجنة.

وقد أخرج ابن حبّان من طريق مصعب بن سعد، عن أبيه، سبب هذا الحديث بلفظ: "سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: يدخل عليكم رجل من أهل الجنة، فدخل عبد الله بن سلام".

وهذا يؤيد صحة رواية الجماعة، ويُضْعف رواية سعيد بن داود (٢)، والله تعالى أعلم.


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ٤١ - ٤٢.
(٢) "الفتح" ٨/ ٥١٣، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٨١٢).