أنه من سُداسيّات المصنّف رحمه الله، وأنه مسلسلٌ بالبصريين، وفيه ثلاثة من التابعين روى بعضهم عن بعض، فإن ابن عون تابعيّ رأى أنسًا - رضي الله عنه -، فهو من الطبقة الخامسة من طبقة الأعمش، كما تقدّم تحقيق البحث عنه في ترجمته في "شرح المقدّمة".
شرح الحديث:
(عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ) بضمّ العين المهملة، وتخفيف الموحّدة، ووقع في رواية للبخاريّ:"عن محمد بن سيرين: حدّثني قيس بن عُباد". (قَالَ: كُنْتُ بالْمَدِينَةِ) النبويّة (فِي نَاسٍ)؛ أي: مع ناس، أو في جملة ناس، (فِيهِمْ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) وفي الرواية التالية: "عن محمد بن سيرين، قال: قال قيس بن عُباد: كنت في حَلْقة فيها سعد بن مالك، وابن عمر، فمرّ عبد الله بن سلام. . .". (فَجَاءَ رَجُلٌ) هو عبد الله بن سلام رحبه، (فِي وَجْهِهِ أثَرٌ مِنْ خُشُوعٍ) وفي بعض النُّسخ: "وفي وجهه بعض أثر من خشوع"، (فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْم)، لم يُسمّوا:(هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) مكرّرًا، وفي رواية خرشة بن الحر الآتية:"كنت جالسًا في حَلْقة في مسجد المدينة، وفيها شيخ حسن الهيئة، وهو عبد الله بن سلام، فجعل يحدثهم حديثًا حسنًا، فلما قام قال القوم: من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا"، وفي رواية النسائيّ:"فجاء شيخ يتوكأ على عصا له"، فذكر نحوه.
ويُجْمَع بينهما بأنهما قصتان اتفقتا لرجلين، فكأنه كان في مجلس يتحدث، كما في رواية خَرَشة، فلما قام ذاهبًا مرّ على الحلقة التي فيها سعد بن أبي وقاص، وابن عمر، فحضر ذلك قيس بن عُباد، كما في روايته هنا، وكلٌّ من خَرَشة وقيس اتّبَعَ عبد الله بن سلام، ودخل عليه منزلة، وسأله، فأجابه، ومن ثم اختلف الجواب بالزيادة والنقص، كما سيأتي، سواء كان زمن اجتماعهما بعبد الله بن سلام، اتحد أم تعدد، أفاده في "الفتح"(١).
(١) "الفتح" ١٦/ ٣٥٢ - ٣٥٣، كتاب "التعبير" رقم (٧٠١٠).