للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إنهم قالوا كذا وكذا"، قال في "الفتح": وكأنه نَسب القول للجماعة، والناطقُ به واحد لِرضاهم به، وسكوتهم عليه، وفي رواية خَرَشة الآتية: "فقلت: والله لأتّبعنه، فلأعْلمنّ مكان بيته، فانطَلَق حتى كان يخرج من المدينة، ثم دخل منزلة، فاستأذنت عليه، فأذِن لي، فقال: ما حاجتك يا ابن أخي؟ فقلت: سمعت القوم يقولون"، فذكر اللفظ الماضي، وفيه: "فأعجبني أن أكون معك"، وسقطت هذه القصة في رواية النسائيّ، وعنده: "فلما قضى صلاته قلت: زعم هؤلاء". انتهى (١).

(قَالَ) عبد الله بن سلام تعجّبًا من قولهم هذا: (سُبْحَانَ اللهِ) اسم مصدر لسبّح، قال الفيّوميّ -رحمه الله-: سبحان الله عَلَمٌ على التسبيح، ومعناه: تنزيه الله عن كلّ سوء، وهو منصوب على المصدر، غير متصرّف؛ لجموده. انتهى (٢). (مَا) نافية، (يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ) قال النوويّ -رحمه الله-: هذا إنكار من عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- حيث قطعوا له بالجنة، فَيُحْمَل على أن هؤلاء بَلَغهم خبر سعد بن أبي وقاص بأن ابن سلام من أهل الجنة، ولم يَسمَع هو، ويَحْتَمِل أنه كره الثناء عليه بذلك؛ تواضعًا، وإيثارًا للخمول، وكراهةً للشهرة. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": قوله: "ما ينبغي لأحد … إلخ" هذا إنكار من عبد الله بن سلام على من قَطَع له بالجنة، فكأنه ما سمع حديث سعد، وكأنهم هم سمعوه، ويَحْتَمِل أن يكون هو أيضًا سمعه، لكنَّه كَرِه الثّناء عليه بذلك تواضعًا، ويَحْتَمِل أن يكون إنكارًا منه على من سألة عن ذلك؛ لكونه فَهِم منه التعجب من خبرهم، فأخبره بأن ذلك لا عَجَب فيه بما ذكره له من قصة المنام، وأشار بذلك القول إلى أنه لا ينبغي لأحد إنكار ما لا علم له به، إذا كان الذي أخبره به من أهل الصدق، قاله في "الفتح" (٤).

ووقع في رواية خَرَشة: "فقال: الله أعلم بأهل الجنة، وسأحدثك مما قالوا ذلك؟ " فذكر المنام، وهذا يقوي احتمال أنه أنكر عليهم الجزم، ولم يُنْكِر


(١) "الفتح" ١٦/ ٣٥٢ - ٣٥٣، كتاب "التعبير" رقم (٧٠١٠).
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢٦٣.
(٣) "شرح النوويّ" ١٦/ ٤٢.
(٤) "الفتح" ٨/ ٥١٥، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٨١٣).