للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مفعولها في الحقيقة مضمون الجملة، لا المنصوب بها، فلا ضرر في اتّحاده مع الفاعل، ولا توضع النفس مكانه عند الجمهور، فلا يقال: ظننتُ نفسي عالمةً، وجوّزه ابن كيسان، فإن كان أحد الضميرين منفصلًا جاز في كلّ فعل، نحو: ما ضربتُ إلا إيّاي. انتهى (١).

(فِي رَوْضَةٍ) بفتح، فسكون؛ أي: بستان، قال الفيّوميّ -رحمه الله-: الرَّوْضَةُ: الموضع الْمُعْجِب بالزهور، يقال: نزلنا أرضًا أَرِيضَةً، قيل: سُمِّيت بذلك؛ لاستراضة المياه السائلة إليها؛ أي: لسكونها بها، وأَرَاضَ الوادي، واسْتَرَاضَ: إذا استَنقع فيه الماء، واسْتَرَاضَ: اتَّسَع، وانبسط، ومنه يقال: افعل ما دامت النفس مريضةً، وجَمْع الرَّوضة: رِياضٌ، وروْضَاتٌ بسكون الواو؛ للتخفيف، وهُذيلٌ تفتح على القياس. انتهى (٢).

وقال الكرمانيّ: يَحْتَمِل أن يراد بالروضة: جميع ما يتعلق بالدِّين، وبالعمود: الأركان الخمسة، وبالعروة الوثقى: الإيمان. انتهى.

وفي "التوضيح": والعمود دالّ على كل ما يُعتمَد عليه؛ كالقرآن، والسنن، والفقه في الدين، ومكان العمود، وصفات المنام تدلّ على تأويل الأمر، وحقيقة التعبير، وكذلك العروة: الإسلام والتوحيد، وهي العروة الوثقى، قال تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦)} [البقرة: ٢٥٦]، فأخبر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأن عبد الله بن سلام يموت على الإيمان، ولِمَا في هذه الرؤيا من شواهد ذلك حَكَم له الصحابة بالجنة بحكم النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- بموته على الإسلام، وقال الداوديّ: قالوا: لأنه كان بدريًّا، وفيه القطع بأن كل من مات على الإسلام والتوحيد لله دخل الجنة، وإن نالت بعضهم عقوبات. انتهى (٣).

(ذَكَرَ سَعَتَهَا)؛ أي: ذكر عبد الله بن سلام سعة تلك الروضة، والجملة في محلّ جرّ صفة لـ "روضة". (وَعُشْبَهَا) بضمّ العين المهملة، وسكون الشين


(١) "حاشية الخضري على شرح ابن عَقِيل على الخلاصة" ١/ ١٥١.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢٤٥.
(٣) "عمدة القاري" ٢٤/ ١٤٩.