(عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ)؛ أنه (قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا فِي حَلْقَةٍ) تقدّم أنها بفتح اللام، وسكونها، (فِي مَسْجِدِ الْمَدِينة، قَالَ) خرشة: (وَفِيهَا)؛ أي: في تلك الحلقة (شَيْخٌ، حَسَنُ الْهَيْئَةِ)؛ أي: الصفة، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ الله-: الهيئة: الحالة الظاهرة، يقال: هاء يهوء، ويهيء هيئةً حسنةً: إذا صار إليها (١). (وَهُوَ)؛ أي: ذلك الشيخ (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ) -رضي الله عنه- (قَالَ) خَرَشة: (فَجَعَلَ)؛ أي: شرع، وأخذ (يُحَدِّثُهُمْ)؛ أي: القوم الحاضرين في تلك الحلقة، وهذا يخالف من سبق، وقد تقدّم الجمع بحَمْل الروايتين على واقعتين، فتنبّه. (حَدِيثًا حَسَنًا، قَالَ: فَلَمَّا قَامَ) عبد الله بن سلام (قَالَ الْقَوْمُ)؛ أي: بعضهم، (مَنْ) شرطيّة، أو موصولة مبتدأ خبره "فلينظر". (سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا)؛ أي: عبد الله بن سلام. (قَالَ) خرشة: (فَقُلْتُ: وَاللهِ لأَتْبَعَنَّهُ، فَلأَعْلَمَنَّ مَكَانَ بَيْتِهِ)؛ أي: حتى يدخل عليه، ويسأله سبب قولهم هذا. (قَالَ: فَتَبِعْتُهُ، فَانْطَلَقَ)؛ أي: ذهب (حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِ) كون خبر "كاد" مقترنًا بـ "أن" قليل، عكس "عسى"، كما قال في "الخلاصة":
(ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ، قَالَ) خرشة: (فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ)؛ أي: طلبت منه الإذن في الدخول عليه، (فَأَذِنَ لِي) بكسر الذال المعجمة، (فَقَالَ) ابن سلام: (ما) استفهاميّة، (حَاجَتُكَ يَا ابْنَ أَخِي؟، قَالَ) خرشة: (فَقُلْتُ لَهُ: سَمِعْتُ الْقَوْمَ يَقُولُونَ لَكَ)؛ أي: من أجلك، (لَمَّا قُمْتَ) من الحلقة، (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا، فَأعْجَبَنِي أَنْ أَكُونَ مَعَكَ)؛ أي: حتى أسألك عن السبب. (قَالَ) ابن سلام: (اللهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ) وقد سبق أنه قال: "سبحان الله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم"، (وَسَأُحَدِّثُكَ مِمَّ قَالُوا ذَاكَ؟)"ممّ" هي "ما" الاستفهاميّة جُرّت بـ "من"، فحُذفت ألفها تخفيفًا، كما قال في "الخلاصة":