حسّان -رضي الله عنه-، وما أحقها بالإنكار، ومما يبطلها ما قام به حسّان -رضي الله عنه- من هجو قريش بقصائده المتتالية، وما ردّوا عليه في ذلك، فلم يذكروه بالجبن أصلًا، فلو كان موصوفًا به لَمَا تركوا طعنه به، بل هو أَولى ما يُطعن به الشخص في مثل ذلك، فالحقّ أن هذه الحكاية غير صحيحة، فتأمل بالإنصاف، والله تعالى أعلم.
مات حسان قبل الأربعين، في قول خليفة، وقيل: سنة أربعين، وقيل: خمسين، وقيل: أربع وخمسين، وهو قول ابن هشام، حكاه عنه ابن الْبَرْقيّ، وزاد: وهو ابن عشرين ومائة سنة، أو نحوها.
وذكر ابن إسحاق أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَدِمَ المدينة، ولحسّان ستون سنة.
قال الحافظ: فلعل هذا يكون على قول من قال: إنه مات سنة أربعين، بلغ مائة، أو دونها، أو في سنة خمسين، مائة وعشرة، أو سنة أربع وخمسين، مائة وأربع عشرة، والجمهور أنه عاش مائة وعشرين سنة، وقيل: عاش مائة وأربع سنين، جزم به ابن أبي خيثمة، عن المدائنيّ، وقال ابن سعد: عاش في الجاهلية ستين، وفي الإسلام ستين، ومات وهو ابن عشرين ومائة. انتهى من "الإصابة"(١).
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: حسان بن ثابت بن المنذر بن عمرو بن النجار الأنصاري، يكنى: أبا الوليد، وقيل: أبا عبد الرحمن، وقيل: أبا الحسام، ويقال له: شاعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، رُوي عن عائشة -رضي الله عنها-؛ أنها وصفت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: كان والله كما قال شاعره حسان بن ثابت [من الطويل]:
قال أبو عبيدة: فَضَل حسان الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في النبوَّة، وشاعر اليمن كلها في الإسلام. وقال أيضًا: أجمعت العرب على أن أشعر أهل المدر: حسان بن ثابت. وقال أبو عبيدة، وأبو عمرو بن العلاء: حسان أشعر أهل الحضر. وقال الأصمعيّ: