أنه كان يصليّ هذا المقدار من الصلاة، فتبصّر ولا تتهوّر، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
وقال هلال بن العلاء: مَنَّ الله على هذه الأمة بأربعة في زمانهم: بالشافعيّ تفقه بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبأحمد ثبت في المحنة، ولولا ذلك لكفر الناس، وبيحيى بن معين نَفَى الكذب عن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبأبي عُبيد فسّر الغريب، وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه، فقال: هو إمام، وهو حجة، وقال النسائي: الثقة المأمون أحد الأئمة، وقال ابن ماكولا: كان أعلم الناس بمذاهب الصحابة والتابعين، وقال الخليليّ: كان أفقه أقرانه، وأروعهم، وأكفّهم عن الكلام في المحدثين، إلا في الاضطرار، وقد كان أمسك عن الرواية من وقت الامتحان، فما كان يروي إلا لبنيه في بيته، وقال ابن حبان في "الثقات": كان حافظًا متقنًا فقيهًا ملازمًا للورع الخفيّ، مواظبًا على العبادة الدائمة، أغاث الله به أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وذلك أنه ثبت في المحنة، وبَذَل نفسه لله، حتى ضُرِب بالسياط للقتل، فعصمه الله تعالى عن الكفر، وجعله علمًا يُقْتَدَى به، وملجأً يُلْجَأُ إليه، وقال سليمان بن حرب لرجل سأله عن مسألة: سل عنها أحمد، فإنه إمام، وقال محمد بن إبراهيم البُوشَنْجيّ: ما رأيت أجمع في كل شيء من أحمد ولا أعقل، وهو عندي أفضل وأفقه من الثوريّ، وقال ابن سعد: ثقةٌ ثبتٌ صدوقٌ كثير الحديث، وقال أبو الحسن ابن الزاغونيّ: كُشِفَ قبرُ أحمد حين دُفن الشريفُ أبو جعفر بن أبي موسى إلى جانبه، فوُجِد كفنه صحيحًا لم يَبْلَ، وجنبه لم يتغير، وذلك بعد موته بمائتين وثلاثين سنة.
قال عباس الدُّوريّ، ومُطَيَّن، والفضل بن زياد، وغيرهم: مات يوم الجمعة، لثنتي عشرة خَلَت من ربيع الأول سنة (٢٤١)، لكن قال الفضل: في ربيع الآخر، وكذلك قال عبد الله بن أحمد، وقيل: حُزِر مَن صلَّى عليه، فكانوا ثمانمائة ألف رجل وستين ألف امرأة، وقيل: أكثر من ذلك، وقال عبد الله: كان أبي يقول: قولوا لأهل البِدَع: بيننا وبينكم الجنائز.
أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب (١٩) حديثًا.
٢ - (وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ) بن إبراهيم، أبو الحارث البغداديّ، مروزيّ الأصل، ثقةٌ عابدٌ [١٠](ت ٢٣٥)(خ م س) تقدم في "الإيمان" ٩/ ٢٠٢٥.