للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العضّ بالآباء (١). (قَالَ) حسّان -رضي الله عنه-: (وَالَّذِي أَكْرَمَكَ) هو الله -سُبْحانَهُ وَتَعالى-، (لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ)؛ أي: لأُخَلِّصن نَسَبك من نَسَبهم، بحيث يختص الهجو بهم دونك، وفي رواية أبي سلمة الآتية: "فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَا تَعْجَلْ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا، حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِي"، فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ لَخَّصَ لِي نَسَبَكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ"، (كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْخَمِيرِ) بفتح الخاء المعجمة، وكسر الميم؛ أي: العجين، كما قال في الرواية الأخرى، ومعناه: لأتلطفنّ في تخليص نسبك مِنْ هجوه، بحيث لا يبقى جزء من نسبك في نسبهم الذي ناله الهجو، كما أن الشعرة إذا سُلّت من العجين لا يبقى منها شيء فيه، بخلاف ما لو سُلّت من شيء صَلْب، فإنها ربما انقطعت، فبقيت منها فيه بقية، قاله النوويّ (٢).

وقال في "المشارق": يريد بالخمير: العجينَ المختمر؛ يعني: لأتلطفنّ في تخليص نسبك، حتى لا يعمّه الهجو، ويقضي عليه، كما يُتلطف في إخراج الشعرة من العجين؛ لئلا تنقطع فتبقى فيه. انتهى (٣).

وفي رواية البخاريّ: "كما تسلّ الشعرة من العين"، قال في "الفتح": أشار بذلك إلى أن الشعرة إذا أُخرجت من العجين، لا يتعلق بها منه شيء؛ لنعومتها، بخلاف ما إذا سُلّت من العسل مثلًا، فإنها قد يَعْلَق بها منه شيء، وأما إذا سُلّت من الخبز، فإنها قد تنقطع قبل أن تخلص. انتهى (٤).

(فَقَالَ حَسَّانُ) -رضي الله عنه-: (وَإِنَّ سَنَامَ)؛ أي: أعلى (الْمَجْدِ)؛ أي: الشرف، (مِنْ آلِ هَاشِمِ بَنُو بِنْتِ) وفي نسخة: "ابنةِ" (مَخْزُومٍ) قال النوويّ -رَحِمَهُ الله-: وبعد هذا بيتٌ لم يَذكره مسلم، وبذِكره تتم الفائدة والمراد، وهو:

وَمَنْ وَلَدَتْ أَبْنَاءُ زُهْرَةَ مِنْهُمُو … كِرَامٌ وَلَمْ يَقْرَبْ عَجَائِزَكَ الْمَجْدُ

المراد ببنت مخزوم: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، أم عبد الله، والزبير، وأبي طالب، ومراده بأبي سفيان هذا المذكور المهجوّ:


(١) "الفتح" ٨/ ١٨٤، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٣١).
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ٤٨.
(٣) "مشارق الأنوار" ١/ ٢٤٠.
(٤) "الفتح" ٨/ ١٨٤، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٣١).