روى الحديث في عصره، قال وكيع في نسخته: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، قال: كان أبو هريرة أحفظ أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأخرجه البغوي من رواية أبي بكر بن عياش، عن الأعمش بلفظ: ما كان أفضلهم، ولكنه كان أحفظ، وأخرج ابن أبي خيثمة، من طريق سعيد بن أبي الحسن، قال: لم يكن أحد من الصحابة أكثر حديثًا من أبي هريرة، وقال الربيع: قال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره، وقال أبو الزُّعَيزِعَة، كاتب مروان: أرسل مروان إلى أبي هريرة، فجعل يحدّثه، وكان أجلسني خلف السرير، أكتب ما يحدّث به حتى إذا كان في رأس الحول، أرسل إليه فسأله، وأمرني أن انظر، فما غَيّر حرفًا عن حرف.
وفي "صحيح البخاري" من طريق وهب بن منبه، عن أخيه همام، عن أبي هريرة، قال: لم يكن من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر حديثَّا مني، إلا عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب، ولا أكتب. وقال الحاكم أبوأحمد -بعد أن حكى الاختلاف في اسمه ببعض ما تقدم-: كان من أحفظ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وألزمهم له صحبة، على شِبَع بطنه، فكانت يده مع يده، يدور معه حيث دار، إلى أن مات، ولذلك كَثُر حديثه. وقد أخرج البخاري في "الصحيح" من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قلت: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال:"لقد ظننت ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أوّل منك لِمَا رأيت من حرصك على الحديث". وأخرج أحمد من حديث أُبيّ بن كعب: أن أبا هريرة كان جريئًا على أن يسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أشياء، لا يسأله عنها غيره. وقال أبو نعيم: كان أحفظ الصحابة لأخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ودعا له بأن يحببه إلى المؤمنين، وكان إسلامه بين الحديبية وخيبر، قدم المدينة مهاجرًا وسكن الصُّفّة، وقال أبو معشر المدائني، عن محمد بن قيس قال: كان أبو هريرة يقول: لا تكنوني أبا هريرة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كناني أبا هر، والذَّكَر خير من الأنثى. وأخرجه البغوي بسند حسن عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة، وقال عبد الرحمن بن أبي لبيبة: أتيت أبا هريرة، وهو آدم، بَعيدُ ما بين المنكبين، ذو ضفيرتين، أفرق الثنيتين. وأخرج ابن سعد من طريق قرة بن خالد: قلت لمحمد بن سيرين: أكان أبو هريرة مُخشوشنًا؟ قال: لا، كان ليّنًا،