للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثوبي، ثم جمعته، فما نسيت شيئًا بعد هذا، مختصر مما قبله.

قال الحافظ: ووقع لي بيان ما كان حدَّث به النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه القصة، إن ثبت الخبر، فأخرج أبو يعلى من طريق أبي سلمة: جاء أبو هريرة، فسلَّم على النبي -صلى الله عليه وسلم-، في شكواه يعوده، فأَذِن له، فدخل، فسلَّم وهو قائم، والنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، متساند إلى صَدْر علي، ويده على صدره ضامّه إليه، والنبيّ -صلى الله عليه وسلم- باسط رجليه، فقال: "ادن يا أبا هريرة"، فدنا، ثم قال: "ادن يا أبا هريرة"، ثم قال: "ادن يا أبا هريرة"، فدنا حتى مست أطراف أصابع أبي هريرة أصابع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال له: "اجلس"، فجلس، فقال له: "أدْنِ مني طرف ثوبك"، فمدّ أبو هريرة ثوبه، فأمسك بيده، ففتحه، وأدناه من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أوصيك يا أبا هريرة بخصال، لا تدعهن ما بقيت"، قال: أوصني ما شئت، فقال له: "عليك بالغسل يوم الجمعة، والبكور إليها، ولا تَلْغُ، ولا تَلْهُ، وأوصيك بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، فإنه صيام الدهر، وأوصيك بركعتي الفجر، لا تدعهما، وإن صليت الليل كله، فإن فيها الرغائب"، قالها ثلاثًا، ثم قال: "ضُمَّ إليك ثوبك"، فضَمّ ثوبه إلى صدره، فقال: يا رسول الله بأبي وأمي أسرٌّ هذا، أو أعلنه؟ قال: "أعلنه يا أبا هريرة"، قالها ثلاثًا، والحديث المذكور من علامات النبوة، فإن أبا هريرة كان أحفظ الناس للأحاديث النبوية في عصره.

وقال طلحة بن عبيد الله: لا أشك أن أبا هريرة سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم نسمع. وقال ابن عمر: أبو هريرة خير مني، واعلم بما يحدّث. وأخرج النسائي بسند جيد في "العلم" من "كتاب السنن الكبرى" ٣/ ٤٤٠؛ أن رجلًا جاء زيد بن ثابت، فسأله عن شيء، فقال له زيد: عليك بأبي هريرة، فإني بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ذات يوم، ندعو الله، ونذكر ربنا، خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى جلس إلينا، فسكتنا، فقال: "عودوا للذي كنتم فيه"، قال زيد: فدعوت أنا وصاحبي، قبل أبي هريرة، وجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يؤمِّن على دعائنا، ثم دعا أبو هريرة، فقال: اللَّهُمَّ إني أسألك مثل ما سألك صاحباي هذان، وأسألك علمًا لا ينسى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "آمين"، فقلنا: يا رسول الله ونحن نسأل الله علمًا لا ينسى، فقال: "سبقكم بها الغلام