للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَا رَسُولَ اللهِ)؛ أي: لا تستعجل في أمري حتى أشرح لك القضيّة، وأبيّن لك عذري في ذلك. (إِنِّي) بكسر الهمزة؛ لوقوعها في الابتداء، كما سبق قريبًا. (كُنْتُ امْرَءًا مُلْصَقًا) بضمّ الميم: اسم مفعول من أُلصق؛ أي: مُلْزقًا، وقال القرطبيّ -رحمه اللهُ-: الملصَق في القوم: هو الذي لا نَسَب له فيهم، وهو الحليف، والنزيل، والدَّخيل. انتهى (١).

وفي رواية عبد الرحمن بن حاطب: "ولكني كنت امرءًا غريبًا فيكم، وكان لي بنون، وإخوة بمكة، فكتبت لعلّي أدفع عنهم".

وقال في "العمدة": قوله: "مُلْصَقًا في قريش"؛ أي: مضافًا إليهم، ولست منهم، وأصل ذلك من إلصاق الشيء بغيره ليس منه، ولذلك قيل للدَّعِيّ في القوم: ملصقٌ، وقيل: معناه حليفًا، ولم يكن من نَفْس قريش، وأقربائهم. انتهى (٢).

(فِي قُرَيْشٍ) لست مِنْ نَسَبهم، وفي رواية للبخاريّ: "كنت امرءًا من قريش، ولم أكن من أنفسهم"، قال في "الفتح": ليس هذا تناقضًا، بل أراد أنه منهم، بمعنى أنه حليفهم، وقد ثبت حديث: "حليف القوم منهم"، وعبَّر بقوله: "ولم أكن من أنفسهم" لإثبات المجاز. انتهى (٣).

(قَالَ سُفْيَانُ) بن عيينة مفسّرًا معنى قوله: "مُلصقًا": (كَانَ حَلِيفًا لَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا)؛ أي: ليس له نَسَب في قريش، (وَكَانَ مِمَّنْ كَانَ مَعَكَ) قال القرطبيّ -رحمه الله-: كذا وقع هذا اللفظ "ممن" بزيادة "مِنْ"، وفي بعض النسخ، "من معك" بإسقاط "من"، وهو الصواب؛ لأنَّ "من" لا تزاد في الموجَب عند البصريين وأكثر أهل اللسان، وقد أجاز ذلك بعض الكوفيين. انتهى (٤).

(مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ، يَحْمُونَ) مضارع حمى، من باب ضرب؛ أي: يحفظون، وأصله يحميُون، بوزن يضربون، فنُقلت ضمة الياء إلى الميم بعد سَلْب حركتها، عملًا بقاعدة قوله:


(١) "المفهم" ٦/ ٤٣٩.
(٢) "عمدة القاري" ١٤/ ٢٥٥.
(٣) "الفتح" ١٠/ ٦٨٤، كتاب "التفسير" رقم (٤٨٩٠).
(٤) "المفهم" ٦/ ٤٣٩.