للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على الاستيعاب". انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: نصّ ابن بشكوال في "غوامض الأسماء": العبد المذكور في الحديث اسمه سعد، ثم أخرج بسنده عن إسماعيل بن أبي خالد، عن سعد مولى حاطب، قال: قلت: يا رسول الله حاطب من أهل النار، قال: "لن يلج النار أحدٌ شهد بدرًا، والرضوان". انتهى (٢).

(جَاءَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَشْكُو حَاطِبًا)؛ أي: يشكو سوء معاملته له، فقد زاد في رواية أبي نعيم في "الحلية": "وكان حاطب شديدًا على الرقيق" (٣). (فَقَالَ) ذلك العبد في جملة شكواه: (يَا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ)؛ أي: بسبب معاملته له، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) ردًّا على العبد في دعواه دخول حاطب النار: ("كَذَبْتَ) فيما قلته، فإنه (لَا يَدْخُلُهَا)؛ أي: النار، ثم علّل عدم دخوله النار بقوله: (فَإِنَّهُ) الفاء للتعليل؛ أي: لأن حاطبًا (شَهِدَ بَدْرًا)؛ أي: غزوة بدر (وَ) شَهِد أيضًا (الْحُدَيْبِيَةَ")؛ أي: غَزْوَتها؛ أي: ومن شهدهما لا يدخل النار، وقد جاء مصرّحًا به، فقد روى جابر -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة"، رواه الترمذيّ، وقال: حسنٌ صحيح، وصححه ابن حبّان (٤)، ورواه مسلم من حديث جابر عن أمّ مبشّر في الباب التالي.

وأخرج أحمد عن أبي سفيان، عن جابر، عن أم مبشر، عن حفصة، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني لأرجو أن لا يدخل النار -إن شاء الله- أحد شهد بدرًا، والحديبية"، قالت: فقلت: أليس الله يقول: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: ٧١]؟ قالت: فسمعته يقول: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (٧٢)} [مريم: ٧٢]. انتهى (٥)، والله تعالى اعلم.


(١) "تنبيه المعلم" ص ٤١٩.
(٢) "غوامض الأسماء المبهمة" ١/ ٢٥٠.
(٣) "حلية الأولياء" ٣/ ٧٣.
(٤) "جامع الترمذيّ" ٥/ ٦٩٥، و"صحيح ابن حبان" ١١/ ١٢٧.
(٥) "مسند الإمام أحمد بن حنبل" ٦/ ٢٨٥.