للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يعنون: أبا سفيان (مَأخَذَهَا) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-؛ ضبطوه بوجهين: أحدهما: بالقصر، وفتح الخاء، والثاني: بالمدّ، وكسْرها، وكلاهما صحيح، وهذا الإتيان لأبي سفيان كان، وهو كافر، في الهُدْنة بعد صلح الحديبية. انتهى (١).

(قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) الصدّيق -رضي الله عنه-: (أَتَقُولُونَ هَذَا) استفهام إنكاريّ، (لِشَيْخِ قُرَيْشٍ)؛ يعني: أبا سفيان (وَسَيِّدِهِمْ، فَأَتَى) أبو بكر -رضي الله عنه- (النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَخْبَرَهُ)؛ أي: بما قال هؤلاء، ولعل إخباره لِيُنْكِر عليهم كما أنكر هو، (فَقَالَ) -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ("يَا أَبَا بَكْرٍ لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ)؛ أي: سلمان، وصهيبًا، وبلالًا -رضي الله عنهم-، (لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ" أي: لكونك أغضبت أولياءه، فمن أغضبهم فقد أغضب الله -عَزَّ وَجَلَّ-، فقد أخرج البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إن الله قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب. . ." الحديث.

(فَأَتَاهُمْ)؛ أي: هؤلاء الثلاثة (أَبُو بَكْرِ) -رضي الله عنه- (فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ؟) بحذف همزة الاستفهام؛ أي: أأغضبتكم بما قلت لكم؟ (قَالُوا: لَا)؛ أي: لم تُغضبنا بذلك، (يَغْفِرُ اللهُ لَكَ يَا أُخَيّ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: أما قولهم: "يا أخي" فضبطوه بضم الهمزة، على التصغير، وهو تصغير تحبيب، وترقيق، وملاطفة، وفي بعض النُّسخ بفتحها.

وقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللهُ-: قولهم: "لا، يغفر الله لك"، كذا جاء في هذا الحديث، وقد رُوي عن أبي بكر -رضي الله عنه-؛ أنه نَهَى عن مثل هذه الصيغة، وقال: قل: عافاك الله، رحمك الله، لا تزد؛ أي: لا تقل قبل الدعاء: "لا"؛ لاقتضائها نفيه في الظاهر، ولأنه قد يكون هذا ذريعة للمجّان وغيرهم من قَصْدهم هذا في صورة الدعاء، وقد قال بعضهم: قل: لا، ويغفر لك الله، فيزول الإبهام والاحتمال. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائذ بن عمرو -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ٦٦.
(٢) "إكمال المعلم" ٧/ ٥٤٩.