وقال في "الفتح": هذا على طريق الإجمال؛ أي: مجموعكم أحب اليّ من مجموع غيركم، فلا يعارض قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الماضي، في جواب: مَن أحب الناس إليك؟ قال:"أبو بكر. . ." الحديث، وقوله:(ثَلَاثَ مَرَّاتٍ)؛ أي: كرّر هذا الكلام للتأكيد ثلاث مرّات، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤٣/ ٦٣٩٧ و ٦٣٩٨](٢٥٠٩)، و (البخاريّ) في "مناقب الأنصار"(٣٧٨٥) و"النكاح"(٥١٨٠)، و (النسائيّ) في "الكبرى"(٥/ ٨٨) و"فضائل الصحابة"(١/ ٦٧)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٥/ ٨٧)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ١٢٩)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان منقبة عظيمة للأنصار -رضي الله عنهم-.
٢ - (ومنها): أن مفاوضة المرأة الأجنبية سرًّا لا يقدح في الدِّين عند أَمْن الفتنة، قال الإمام البخاريّ -رحمه الله- في "صحيحه": "باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس"، قال في "العمدة": أي: هذا باب في بيان ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة، حاصله: أن الرجل الأمين ليس عليه بأس إذا خلا بامرأة في ناحية من الناس لِمَا تسأله عن بواطن أمرها في دينها، وغير ذلك من أمورها، وليس المراد من قوله:"أن يخلو الرجل" أن يغيب عن أبصار الناس، فلذلك قيّده بقوله:"عند الناس"، وإنما يخلو بها حيث لا يَسمع الذي بالحضرة كلامَها، ولا شكواها إليه.
[فإن قلت]: ليس في حديث الباب أنه خلا بها عند الناس.
[قلت]: قول أنس في الحديث: "فخلا بها" يدل على أنه كان مع الناس، فتنحى بها ناحيةً؛ لأن أنسًا الذي هو راوي الحديث كان هناك، وجاء في بعض طرقه أنه كان معها صبيّ أيضًا، فصحّ أنه كان عند الناس، ولا سيما