قال أنس -رضي الله عنه-: (فَقُلْتُ لَهُ)؛ أي: لجرير، (لَا تَفْعَلْ) هذه الخدمة لي؛ لأنك أكبر منّي، (فَقَالَ) جرير -رضي الله عنه-: (إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الأَنْصَارَ)؛ أي: القبيلة المشهورة، وهي قبيلة أنس، (تَصْنَعُ بِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا)؛ أي: من خدمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما ينبغي، ومن تعظيمهم إياه غاية ما يكون، وأبهم ذلك مبالغةً في تكثير ذلك. (آلَيْتُ) بالمدّ؛ أي: حلفت (أَنْ لَا أَصْحَبَ أَحَدًا مِنْهُمْ)؛ أي: من الأنصار (إِلَّا خَدَمْتُهُ)؛ أي: إكرامًا لأنصار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين بذلوا أنفسهم وأموالهم في سبيل النصرة له -صلى الله عليه وسلم-.
وفي رواية البخاريّ: "لا أجد أحدًا منهم، إلا أكرمته"، وفي رواية للإسماعيليّ من وجه آخر، عن ابن عرعرة: "لا أزال أُحبّ الأنصار".
وقوله:(زَادَ ابْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ فِي حَدِيثِهِمَا)؛ يعني: أن شيخيه الثاني، والثالث زاد في روايتهما على رواية نصر بن عليّ، وقوله:(وَكَانَ جَرِيرٌ أَكْبَرَ مِنْ أَنَسٍ) مفعول به لـ "زاد" محكيّ؛ لِقَصْد لفظه.
وقوله:(وَقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ) هو شيخه الثالث: (أَسَنَّ مِنْ أنسٍ)؛ أي: بدل قول ابن المثنّى: "أكبر من أنس".
وحاصل ما أشار إليه: أن ابن المثنّى، وابن بشّار زادا في روايتهما على رواية نصر قوله: "وكان جرير. . . إلخ"، إلا أنهما أيضًا اختلفا فيما بينهما، فقال ابن المثنّى: "أكبر من أنس"، وقال ابن بشّار: "أسنّ من أنس"، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤٥/ ٦٤٠٧](٢٥١٣)، و (البخاريّ) في "الجهاد" (٢٨٨٨)، و (ابن الجعد) في "مسنده" (١/ ٢٠٦)، و (البيهقيّ) في "شُعَب