ويحتمل أن يكون نَفَرَ منها؛ لكونه لم يَعْتَدْ شربها، فوافق بطبعه ما سيقع من تحريمها بعدُ؛ حفظًا من الله تعالى له ورِعايةً، واختار اللبن؛ لكونه مألوفًا له، سهلًا طيّبًا طاهرًا، سائغًا للشاربين، سليم العاقبة، بخلاف الخمر في جميع ذلك.
وفي الحديث مشروعيّة الحمد عند حصول ما يُحمَد، ودفع ما يُحذر، فقد قال جبريل عليه السلام لما هدى الله تعالى حبيبه - صلى الله عليه وسلم - إلى الفطرة:"الحمد لله الذي هداك للفطرة".
وقوله:"غَوَت أمتك" يحتمل أن يكون أخذه من طريق الفال، أو تقدّم عنده علم بترتّب كلٍّ من الأمرين، وهو أظهر، أفاده في "الفتح"(١).
وقد سبق البحث في هذا كله مستوفًى في شرح حديث الإسراء، فارجع إليه تزدد علمًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان"[٨٠/ ٤٣١](١٦٨)، و (البخاريّ) في "أحاديث الأنبياء"(٣٣٩٤ و ٣٤٣٧)، و"التفسير"(٤٧٠٩ و ٥٥٧٦)، و"الأشربة"(٥٦٠٣)، و (الترمذيّ) في "التفسير"(٣١٣٠)، و (النسائيّ) في "الأشربة"(٨/ ٣١٢)، و (عبد الرزاق) في "مصنّفه"(٥/ ٣٢٩)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٢٨٢)، و (الطبريّ) في "تفسيره"(١٥/ ١٢)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٣٤٧)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٤٢٧)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٥١)، و (ابن منده) في "الإيمان"(٧٢٨)، و (البيهقيّ) في "دلائل النبوّة"(٢/ ٣٨٧).
وأما فوائد الحديث، فقد سبق غير مرّة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.