للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على الراحلة أن ذلك كان لعذر، ففي كتاب أبي داود أنه - صلى الله عليه وسلم - ورد مكة وهو يشتكي … وساق الحديث، وقد يقال: لأنه كان يُعلّم الناس أمور حجّهم، فركب ليظهر لجميعهم، ولا يخفى عمله عليهم، كما أراهم صلاته على المنبر؛ لئلا يخفى على جميعهم، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لتأخذوا عني مناسككم"، أخرجه مسلم، وقال: "صلّوا كما رأيتموني أصلي"، أخرجه البخاريّ.

قال: ويُجاب عنه في قصّة عيسى عليه السلام بأنها منام، كما روي، أو محتملة للمنام، أو أنه ليس في الواجب، أو لعلّه لعذر، أو لأن شرع من قبلنا غير لازم لنا. انتهى كلام القاضي رَحِمَهُ اللهُ (١).

قال الجامع عفا الله عنه: القول بصحّة الطواف راكبًا لعذر أو لغيره هو الحقّ؛ لفعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك، مع قوله: "لتأخذوا عني مناسككم"، وهو مذهب الشافعيّ والمشهور من مذهب أحمد، وأما حديث أبي داود عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "قَدِم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وهو يشتكي، فطاف على راحلته … "، فضعيف؛ لأنه من رواية يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، فلا يصلح للاحتجاج به، وسيأتي تمام البحث في هذا في محلّه من"كتاب الحجّ" - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجَّاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:

[٤٣٣] ( … ) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ - يَعْنِي: ابْنَ عِيَاضٍ - عَنْ مُوسَى - وَهُوَ ابْنُ عُقْبَةَ - عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا، بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ تبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ، أَلا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ"، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَرَانِي اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ عِنْدَ الْكَعْبَة، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ كَأَحْسَنِ مَا تَرَى (٢) مِنْ أُدْمِ الرِّجَال، تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْه، رَجِلُ الشَّعْر، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْن، وَهُوَ


(١) "إكمال المعلم" ٢/ ٧٢٨ - ٧٢٩.
(٢) وفي نسخة: "كأحسن يُرَى".