للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (ثُمَّ أَبُوكَ) هكذا في معظم النسخ أيضًا، ووقع في بعضها بلفظ: "ثم أباك"، وهذا يَحْتَمِل أن يكون منصوبًا بفعل مقدّر؛ أي: ثم بِرّ أباك، ويَحْتَمل أن يكون مرفوعًا بالعطف على "أمُّك" بضمّة مقدّرة على الألف، على لغة من يُلزم الأسماء الستّة الألف في الأحوال كلّها، وهي لغة فصيحة، كما قال في "الخلاصة":

"أَبٌ" "أَخٌ" "حَمٌ" كَذَاكَ "وَهَنُ" … وَالنَّقْصُ فِي هَذَا الأَخِيرِ أَحْسَنُ

وَفِي "أَبٍ" وَتَالِيَيْهِ يَنْدُرُ … وَقَصْرُهَا مِنْ نَقْصِهِنَّ أَشْهَرُ

وقوله: (ثُمَّ أَدْنَاكَ، أَدْنَاكَ") المراد بالدنوّ: القرب إلى البارّ، قال عياض: تردَّد بعض العلماء في الجدّ والأخ، والأكثر على تقديم الجدّ، قال الحافظ: وبه جزم الشافعية، قالوا: يقدَّم الجدّ، ثم الأخ، ثم يقدّم من أدلى بأبوين على من أدلى بواحد، ثم تُقدّم القرابة من ذوي الرحم، ويقدّم منهم المحارم على من ليس بمحرم، ثم سائر العصبات، ثم المصاهرة، ثم الولاء، ثم الجار، وسيأتي الكلام على حكمه بعدُ.

وأشار ابن بطال إلى أن الترتيب حيث لا يمكن إيصال البرّ دفعة واحدة، وهو واضح، وجاء ما يدلّ على تقديم الأمّ في البرّ مطلقًا، وهو ما أخرجه أحمد، والنسائيّ، وصححه الحاكم، من حديث عائشة - رضي الله عنهما -: "سألت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الناس أعظم حقًّا على المرأة؟ قال: زوجها، قلت: فعلى الرجل؟ قال: أمه"، ويؤيد تقديم الأم حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه: "أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حِواء، وإن أباه طلّقني، وأراد أن ينزعه مني، فقال: أنت أحقّ به ما لم تنكحي"، كذا أخرجه الحاكم، وأبو داود، فتوصَّلت لاختصاصها به باختصاصه بها في الأمور الثلاثة. انتهى (١).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله في الحديث الماضي، ولله الحمد والمنّة.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ - أوّلَ الكتاب قال:

[٦٤٨١] ( … ) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثنَا شَرِيكٌ، عَنْ عُمَارَةَ،


(١) "الفتح" ١٣/ ٤٩٥، كتاب "الأدب" رقم (٥٩٧١).