"مسنده"(١/ ٢٥٣)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٤٣٣٠ و ٤٣٣١)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٤/ ١٨٠) و"شُعَب الإيمان"(٦/ ٢٠٠)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(٣٤٤٥)، و (ابن عساكر) في "تاريخ دمشق"(٣١/ ١٥٩)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان فضل صلة أصدقاء الأب، والإحسان إليهم، وإكرامهم، وهو متضمّن لبرّ الأب، وإكرامه؛ لكونه بسببه، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: ويلتحق به أصدقاء الأم، والأجداد، والمشايخ، والزوج، والزوجة، وقد سبقت الأحاديث في إكرامه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلائل خديجة - رضي الله عنها - (١).
٢ - (ومنها): ما قاله الحافظ العراقيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: إنما جعله أبرّ البرّ، أو من أبرّه؛ لأنَّ الوفاء بحقوق الوالدين والأصحاب بعد موتهم أبلغ؛ لأنَّ الحيّ يُجَامَلُ، والميت لا يُستحْيَى منه، ولا يجامَل، إلَّا بحسن العهد.
ويَحْتَمِل أن أصدقاء الأب كانوا مكفيين في حياته بإحسانه، وانقطع بموته، فأمر بنيه أن يقوموا مقامه فيه، وإنما كان هذا أبرّ البرّ؛ لاقتضائه الترحم، والثناء على أبيه، فيَصِل لروحه راحة بعد زوال المشاهدة المستوجبة للحياة، وذلك أشدّ من برّه له في حياته، وكذا بعد غيبته، فإنه إذا لَمْ يظهر له شيء يوجب ترك المودّة، فكأنه حاضر، فيبقى ودّه كما كان، وكذا بعد المعاداة رجاء عود المودّة، وزوال الوحشة، وإطلاق التولية على جميع هذه الأشياء إما حقيقةٌ، فيكون من عموم المشترك، أو من التواطؤ، أو بعضها، فيكون من الجمع بين الحقيقة والمجاز، ونبّه بالأب على بقية الأصول، وقياس تقديم الشارع الأمّ في البرّ كون وصل أهل ودّها أقدم، وأهمّ.
ومن البيّن أن الكلام في أصلٍ مسلمٍ، أما غيره فيظهر أنه أجنبيّ من هذا المقام، نعم إن كان حيًّا ورجا ببر أصدقائه تالّفه للإسلام، تأكَّد وَصْله.
وفي معنى الأصول: الزوجة، فقد كان النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصِل صويحبات