للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً) "أو" فيه للشكّ من الراوي، و"يُهَرَاق" بضمّ الياء، وفتح الهاء؛ أي: ينصبّ (١).

وقال المجد رَحِمَهُ اللهُ: هَرَاقَ الماءَ يُهَرِيقه بفتح الهاء، هِرَاقَةً بالكسر، وأَهْرَقَهُ يُهْرِيقهُ إِهْرَاقًا، وأَهْرَاقَهُ يُهْرِيقه إهْرِيَاقًا، فهو مَهَرِيق، وذاكَ مُهَرَاقٌ، ومُهْرَاقٌ: صَبَّهُ، وأصله: أراقه يُرِيقه إِراقَةً، وأصل أراقَ: أَرْيَقَ، وأصلُ: يُرِيقُ يُرْيِقُ، وأصلُ يُرْيِقُ: يُؤَريقُ، وقالوا: أُهَرِيقُهُ، ولم يقولوا: أُأَرِيقه؛ لاستثقال الهمزتين، وزِنَةُ يُهَرِيقُ بفتح الهاء يُهَفْعِلُ، ومُهَرَاقٌ بالتحريك مُهَفْعَل، وأما يُهْرِيق ومُهْرَاقٌ بتسكين هائهما، فلا يُمكن أن يُنطق بهما؛ لأن الهاء والفاء جميعًا ساكنان. انتهى (٢).

وقال الفيّوميّ رَحِمَهُ اللهُ: راقَ الماءُ والدمُ وغيره ريقًا، من باب باع: انْصَبَّ، ويتعدى بالهمزة، فيقال: أراقه صاحبه، والفاعلُ مُريقٌ، والمفعولُ مُرَاقٌ، وتُبْدَل الهمزة هاءً، فيقال: هراقه، والأصلُ هَرْيَقَهُ وِزانُ دَحْرَجَهُ، ولهذا تُفتَح الهاء من المضارع، فيقال: يُهَرِيقُهُ، كما تُفْتَح الدال من يُدَحْرِجه، وتُفتَح من الفاعل والمفعول أيضًا فيقال: مُهَرِيقٌ، ومُهَرَاقٌ، قال امرؤ القيس [من الطويل]:

وَإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ مُهَرَاقَةٌ … فَهَلْ عِنْدَ رَسْمِ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ

والأمر: هَرِقْ ماءَكَ، والأصلُ: هَرْيِقْ وِزانُ دَحْرِجْ، وقد يُجْمَع بين الهاء والهمزة، فيقال: أَهْرَاقَهُ يُهْرِيقُهُ ساكنُ الهاءِ تشبيهًا له بأَسْطَاعَ يُسْطِيعُ، كأنّ الهمزة زِيدت عوضًا عن حركة الياء في الأصل، ولهذا لا يَصِير الفعل بهذه الزيادة خماسيًّا، و"دَعَا بِذَنُوب فأُهْرِقَ" ساكنُ الهاء، وفي "التهذيب": من قال: أَهْرَقْتُ فهو خطأ في القياس، ومنهم من يَجْعَل الهاء كأنها أصلٌ، ويقول: هرقته هَرْقًا، من باب نَفَعَ، وفي الحديث: "إن امرأة كانت لهَرَاق الدماءَ"، بالبناء للمفعول، و"الدماءَ" نُصِبَ على التمييز، ويجوز الرفع على إسناد الفعل إليها، والأصلُ تُهْرَاقُ دماؤُها، لكن جُعِلت الألف واللام بدلًا عن الإضافة،


(١) "شرح النوويّ" ٢/ ٢٢٧.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٨٣٦ - ٨٣٧.