للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المختلفة بعد أن كانوا فاقدين لها، ومنهم من يدعو المريض قد أشرف على الموت بأن يشفيه الله، فيعافى في الحال، ومنهم من يدعو على فاجر بأن يهلكه الله، فيهلك في الحال، ومن شكّ في شيء من هذا، فليطالع الكتب الصحيحة (١) في أخبار الصالحين، كـ "حلية أبي نعيم"، و"صفوة الصفوة" لابن الجوزيّ، و"رسالة القشيريّ"، فإنه يجد من هذا القبيل ما ينشرح له صدره، ويثلج به قلبه، بل كل إنسان إذا حقّق حال نفسه، ونظر في دعائه لربّه عند عروض الشدائد، وإجابته له، وتفريجه عنه ما يغنيه عن البحث عن حال غيره إذا كان من المعتبرين المتفكّرين.

وهذا نبيُّ الله عيسى ابن مريم عليه السلام كان يحيي الموتى بإذن الله، ويشفي المرضى بدعائه، وهذا معلوم عنه حسبما أخبرنا الله سبحانه وتعالى عنه به في كتابه الكريم، وفي الإنجيل من القصص المتضمّنة لإحياء الموتى منه، وشفاء المرضى بدعائه ما يعرفه من اطَّلع عليه.

وبالجملة فهؤلاء الغلاة الذين قالوا إنه لا يقع من الله عز وجل إلا ما قد سَبَق به القلم، وأن ذلك لا يتحوّل، ولا يتبدّل، ولا يؤثّر فيه دعاء، ولا عمل صالح، فقد خالفوا ما قدّمنا من آيات الكتاب العزيز، ومن الأحاديث النبويّة الصحيحة من غير ملجئ إلى ذلك، فقد أمكن الجمع بما قدّمناه، وهو متعيّن، وتقديم الجمع على الترجيح متّفقٌ عليه، وهو الحقّ.

وقد قابل هؤلاء بضدّ قولهم القدريّةُ، وهم معبد الجهنيّ وأصحابه، فإنهم قالوا: إن الأمر أُنُفٌ؛ أي: مستأنف، وقالوا: إن الله لا يعلم بالجزئيّات إلا عند وقوعها تعالى الله عن ذلك، وهذا قول باطلٌ يخالف كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وإجماع المسلمين.

وقد تبرّأ من مقالة معبد هذه وأصحابه من أدركهم من الصحابة، منهم ابن عمر، كما ثبت ذلك في "الصحيح" (٢).


(١) هكذا النسخة: "الصحيحة" وفيه نظر، فإن هذه الكتب ليست صحيحة كلها، بل فيها الضعيف، والموضوع، فليُتنبّه.
(٢) أي: صحيح مسلم.