للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١ - (منها): بيان فضل المصيبة للمسلم حيث إنها تُكفَّر بها خطاياه، وتُرفع بها درجاته، قال القرطبيّ - رحمه الله -: ومقصود هذه الأحاديث أن الأمراض، والأحزان، وإن دقّت، والمصائب، وإن قلّت، أُجِر المؤمن على جميعها، وكُفِّرت عنه بذلك خطاياه، حتى يمشي على الأرض، وليست له خطيئة، كما جاء في الحديث الآخر، لكن هذا كله إذا صبر المصاب، واحتسب، وقال ما أمر الله تعالى به في قوله: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦)} [البقرة: ١٥٦]، فمن كان كذلك وصل إلى ما وعد الله تعالى به، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك. انتهى (١).

٢ - (ومنها): أنه لا ينبغي الضحك من مسلم وقع منه مثل هذا، إلا أن يحصل غلبة، لا يمكن دَفْعه، وأما تعمّده فمذموم؛ لأن فيه شماتةً بالمسلم، وكسرًا لقلبه، قاله النوويّ - رحمه الله - (٢).

٣ - (ومنها): بيان أن هذا الفضل خاصّ بالمسلم، فليس للكافر فيه نصيب، بل هي بشرى عظيمة للمسلم؛ لأنه لا يخلو عن كونه متأذيًا بمصائب طول حياته، ففي كلّ مصيبة حطّ لخطيئته، ورَفْع لدرجته، فما أعظم النِّعَم، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: ٥٤]، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: ٢١].

٤ - (ومنها): ما قاله في "الفتح": وفي هذا الحديث تعقُّب على الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام حيث قال: ظنّ بعض الجهلة أن المُصاب مأجور، وهو خطأ صريح، فإن الثواب والعقاب إنما هو على الكسب، والمصائب ليست منها، بل الأجر على الصبر والرضا.

ووجه التعقب أن الأحاديث الصحيحة صريحة في ثبوت الأجر بمجرد حصول المصيبة، وأما الصبر والرضا فقَدْر زائد، يمكن أن يثاب عليهما زيادة على ثواب المصيبة.

قال القرافيّ: المصائب كفّارات جزمًا سواءٌ اقترن بها الرضا أم لا، لكن إن اقترن بها الرضا عَظُم التكفير، وإلا قلّ، كذا قال، والتحقيق أن المصيبة


(١) "المفهم" ٦/ ٥٤٦.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٢٨.