للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووقع في الرواية السابقة من طريق الأسود، عن عائشة: "إلا رفعه الله بها درجةً، وحَطّ عنه بها خطيئةً".

وهذا يقتضي حصول الأمرين معًا، حصول الثواب، ورفع العقاب، وشاهِدُه ما أخرجه الطبرانيّ في "الأوسط" من وجه آخر عن عائشة، بلفظ: "ما ضُرب على مؤمن عِرْق قط، إلا حَطّ الله به عنه خطيئة، وكتب له حسنة، ورفع له درجة"، وسنده جيّد.

وأما ما يأتي لمسلم من طريق عمرة عن عائشة - رضي الله عنها -: "إلا كتب الله له بها حسنة، أو حط عنه بها خطيئة" كذا وقع فيه بلفظ "أو"، فيَحْتَمِل أن يكون شكًّا من الراوي، ويَحْتَمِل التنويع، وهذا أوْجَه، ويكون المعنى: إلا كتب الله له بها حسنة، إن لم يكن عليه خطايا، أو حطّ عنه خطايا، إن كان له خطايا، وعلى هذا فمقتضى الأول أن من ليست عليه خطيئة يزاد في رَفْع درجته بقدر ذلك، والفضل واسع.

[تنبيه]: وقع لهذا الحديث سببٌ أخرجه أحمد، وصححه أبو عوانة، والحاكم، من طريق عبد الرحمن بن شيبة العبدريّ، أن عائشة أخبرته: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طَرَقه وَجَعٌ، فجعل يتقلب على فراشه، ويشتكي، فقالت له عائشة: لو صَنَع هذا بعضنا لوجدت عليه، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إن الصالحين يُشدَّد عليهم، وإنه لا يصيب المؤمن نكبة من شوكة، فما فوق ذلك، إلا حُطَّت به عنه خطيئة، ورُفعت بها درجةٌ".

(حَتَّى الشَّوْكَةِ) جَوّزوا فيه الحركات الثلاث، فالجرّ بمعنى الغاية؛ أي: حتى ينتهي إلى الشوكة، أو عطفًا على لفظ "مصيبة"، والنصب بتقدير عامل؛ أي: حتى وجدانِهِ الشوكةَ، والرفع عطفًا على الضمير في "تصيب"، وقال القرطبيّ: قيَّده المحققون بالرفع، والنصب، فالرفع على الابتداء، ولا يجوز على المحلّ، كذا قال، ووَجّهه غيره بأنه يسوغ على تقدير أن "من" زائدة (١).

(يُشَاكُهَا") بضم أوله؛ أي: يشوكه غيره بها، وفيه وَصْل الفعل؛ لأن الأصل: يُشاكُ بها، وقال ابن التين: حقيقة هذا اللفظ؛ يعني: قوله: "يشاكها"


(١) "الفتح" ١٣/ ٧ - ٨.