للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بغير حقّ، ومبارزة الربّ بالمخالفة، والمعصيةُ فيه أشدّ من غيرها، لأنه لا يقع غالبًا إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار، وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب؛ لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر، فإذا سعى المتقون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى، اكتنفت ظلماتُ الظلمِ الظالمَ حيث لا يُغني عنه ظلمه شيئًا. انتهى (١).

وقال المهلَّب: الذي يدلّ عليه القرآن أنها ظلمات على البصر حتى لا يهتدي سبيلًا، قال الله تعالى في المؤمنين: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد: ١٢]، وقال في المنافقين: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: ١٣]، فأثاب الله المؤمن بلزوم نور الإيمان لهم، ولذَّذهم بالنظر إليه، وقَوَّى به أبصارهم، وعاقب الكفار والمنافقين بأن أظلم عليهم، ومَنَعهم لذّة النظر إليه.

وقال القزّاز: الظلم هنا الشرك؛ أي: هو عليهم ظلام وعَمًى، ومن هذا زعم بعض اللغويين أن اشتقاق الظلم من الظلام؛ كأن فاعله في ظلام عن الحقّ، والذي عليه الأكثرون أن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ذكر هذا كلّه في "العمدة" (٢)، والله تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٥/ ٦٥٥٤] (٢٥٧٩)، و (البخاريّ) في "المظالم" (٢٤٤٧)، و (الترمذيّ) في "البرّ والصلة" (٢٠٣١)، و (الطيالسيّ) في "مسنده" (١/ ٢٥٧)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (٧/ ١٩٢)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ١٠٥ و ١٣٧ و ١٥٦)، و (القضاعيّ) في "مسند الشهاب" (١/ ٩٧)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٦/ ٩٣ و ١٠/ ١٣٤) و"شُعَب الإيمان" (٦/ ٤٦)، و (ابن عساكر) في "تاريخ دمشق" (١٩/ ٩٥)، والله تعالى أعلم.


(١) "كشف المشكل" ٢/ ٥٥٩ - ٥٦٠.
(٢) "عمدة القاري" ١٢/ ٢٩٣.