للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و (أبو يعلى) في "مسنده" (١١/ ٣٩٥)، و (اللالكائيّ) في "اعتقاد أهل السُّنَّة" (٦/ ١١٨٢)، و (تمّام) في "فوائده" (١/ ٣٣٨)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٦/ ٩٣)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان شدّة الحقوق، فقد أوجب الله - سبحانه وتعالى - فيها القصاص، حتى بين البهائم، فكيف بالعقلاء المكلّفين؟ فالواجب على العاقل المبادرة بالتخلُّص من الحقوق قبل ذلك اليوم، ولبعضهم شعرًا [من الكامل]:

فَخَفِ الْقَضَاءَ غَدًا إِذَا وَافَيْتَ … مَا كَسَبَتْ يَدَاكَ الْيَوْمَ بِالْقِسْطَاسِ

أَعْضَاؤُهُمْ فِيهِ الشُّهُودُ وَسِجْنُهُمْ … نَارٌ وَحَاكِمُهُمْ شَدِيدُ الْبَاسِ

فِي مَوْقِفْ مَا فِيهِ إِلَّا شَاخِصٌ … أَوْ مُهْطِعٌ أَوْ مُقْنِعٌ لِلرَّاسِ

إِنْ تُمْطِلِ الْيَوْمَ الْحُقُوقَ مَعَ الْغِنَى … فَغَدًا تُؤَدِّيهَا مَعَ الإِفْلَاسِ (١)

٢ - (ومنها): أن فيه إثبات البعث والنشور في الآخرة، وأن الخلائق كلهم يُحشرون، عقلاؤهم، وغير عقلائهم.

٣ - (ومنها): ما قاله النوويّ - رحمه الله -: هذا تصريح بحشر البهائم يوم القيامة، وإعادتها يوم القيامة كما يعاد أهل التكليف من الآدميين، وكما يعاد الأطفال، والمجانين، ومن لم تبلغه دعوة، وعلى هذا تظاهرت دلائل القرآن، والسُّنَّة، قال الله تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥)} [التكوير: ٥]، وإذا ورد لفظ الشرع، ولم يَمنع من إجرائه على ظاهره عقلٌ، ولا شرعٌ، وجب حَمْله على ظاهره.

قال العلماء: وليس من شَرْط الحشر والإعادة في القيامة المجازاة، والعقاب، والثواب، وأما القصاص من القرناء للجلحاء فليس هو من قصاص التكليف؛ إذ لا تكليف عليها، بل هو قصاص مقابلة. انتهى كلام النوويّ (٢).

وتعقّبه القاري في قوله: "قصاص مقابلة"، فقال: فيه نظر لا يخفى؛ لأن


(١) "شرح حديث لبيك" للحافظ ابن رجب - رحمه الله - ١/ ١٠٦.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٣٦ - ١٣٧.