الإسماعيليّ من طريق ابن أبي عمر، عن سفيان، قال:"يرون أن هذه الغزاة غزاة بني المصطلق"، وكذا في مرسل عروة، قاله في "الفتح"(١). (فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ) قال ابن التين: الْكَسْع أن تضرب بيدك على دُبُر شيء، أو برجلك، وقال القرطبيّ: أن تضرب عَجُز إنسان بقدمك، وقيل: الضرب بالسيف على المؤخَّر، وقال ابن القطاع: كَسَعَ القومَ: ضرب أدبارهم بالسيف، وكَسَعَ الرجلَ: ضرب دُبُره بظهر قدمه، وكذا إذا تكلم، فأَثَّر كلامه بما ساءه، ونحوه في "تهذيب الأزهريّ".
ووقع عند الطبريّ من وجه آخر، عن عمرو بن دينار، عن جابر أن رجلًا من المهاجرين كسع رجلًا من الأنصار برجله، وذلك عند أهل اليمن شديد، والرجل المهاجريّ هو جهجاه بن قيس، ويقال: ابن سعيد الغفاريّ، وكان مع عمر بن الخطاب يقود له فرسه، والرجل الأنصاريّ هو سنان بن وَبَرَة الجهنيّ، حليف الأنصار، وفي رواية عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، مرسلًا أن الأنصاريّ كان حليفًا لهم من جُهينة، وأن المهاجريّ كان من غِفار، وسمّاهما ابن إسحاق في "المغازي" عن شيوخه، وأخرج ابن أبي حاتم، من طريق عُقيل عن الزهريّ، عن عروة بن الزبير، وعمرو بن ثابت، أنهما أخبراه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا غزوة المريسيع، وهي التي هَدَم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناة الطاغية التي كانت بين قفا المشلَّل وبين البحر، فاقتتل رجلان، فاستعلى المهاجريّ على الأنصاريّ، فقال حليف الأنصار: يا معشر الأنصار، فتداعوا إلى أن حجز بينهم، فانكفأ كل منافق إلى عبد الله بن أُبَيّ، فقالوا: كنت تُرْجَى وتَدْفَع، فصرت لا تضرّ، ولا تنفع، فقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكر القصة بطولها، وهو مرسل جيّد، واتفقت هذه الطرق على أن المهاجريّ واحد، ووقع في حديث أبي الزبير، عن جابر، عند مسلم:"اقتتل غلامان من المهاجرين وغلام من الأنصار فنادى المهاجريّ: يا للمهاجرين، ونادى الأنصاريّ: يا للأنصار، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ما هذا؟ أدعوى الجاهلية؟ "، قالوا: لا، إن غلامين اقتتلا، فكسع أحدهما الآخر،