للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تسمية الله تعالى به، جائز الاستعمال، مثل قوله: "رفيق" فنفي التوربشتي الجواز غير مقبول، فتبصّر بالإنصاف.

وقال النوويّ - رحمه الله -: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لا يعطي على العنف" العنف بضم العين، وفتحها، وكسرها، حكاهن القاضي وغيره، والضم أفصح، وأشهر، وهو ضد الرفق، ومعنى "يعطي على الرفق"؛ أي: يثيب عليه ما لا يثيب على غيره، وقال القاضي: معناه: يتأتى به من الأغراض، ويسهل من المطالب ما لا يتأتى بغيره.

وقال القاضي عياض في "المشارق": الرفق في صفات الله تعالى وأسمائه بمعنى اللطيف الذي في القرآن، والرفق واللطف: المبالغة في البرّ على أحسن وجوهه، وكذلك في كل شيء، والرفق في كل أمر: أخْذه بأحسن وجوهه، وأقربها، وهو ضد العنف. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف" معناه: أن الله تعالى يعطي عليه في الدنيا من الثناء الجميل، وفي الآخرة من الثواب الجزيل، ما لا يعطي على العنف الجائز، وبيان هذا بأن يكون أمرٌ مّا من الأمور سَوَّغ الشرع أن يُتوصّل إليه بالرفق، وبالعنف، فسلوك طريق الرّفق أَولى؛ لِمَا يحصل عليه من الثناء على فاعله بحُسن الخلق، ولِمَا يترتّب عليه من حُسن الأعمال، وكمال منفعتها، ولهذا أشار - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه"، وضدّه الخرق، والاستعجال، وهو مفسد للأعمال، وموجب لسوء الأحدوثة، وهو المعبّر عنه بقوله: "ولا نُزِع من شيء إلا شانه"؛ أي: عابه، وكان له شينًا، وأما الخرق والعنف فمفوِّتان مصالح الدنيا، وقد يفضيان إلى تفويت ثواب الآخرة، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "من يُحرم الرفق يُحرم الخير"؛ أي: يفضي ذلك به إلى أن يُحرم خير الدنيا والآخرة. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.


(١) "مشارق الأنوار" ١/ ٢٩٦.
(٢) "المفهم" ٦/ ٥٧٨.