ثم هل يُكتفى في كون الكلمة اسمًا من أسماء الله تعالى بوجودها في كلام الشارع من غير تكرار، ولا كثرة، أم لا بُدّ منهما؟ فيه رأيان، وقد سبق القول في ذلك. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ ثبوت الأسماء والصفات لله تعالى باخبار الآحاد، كما يأتي تحقيقه، فتبصّر، وبالله تعالى التوفيق.
وقال المازريّ: لا يوصف الله - سبحانه وتعالى - إلا بما سمى به نفسه، أو سمّاه به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو أجمعت الأمة عليه، وأما ما لم يَرِدْ إذن في إطلاقه، ولا وَرَدَ مَنْع في وصْف الله تعالى به، ففيه خلاف، منهم من قال: يبقى على ما كان قبل ورود الشرع، فلا يوصف بحِلّ، ولا حرمة، ومنهم من مَنَعه، قال: وللأصوليين المتأخرين خلاف في تسمية الله تعالى بما ثبت عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بخبر الآحاد، فقال بعض حُذّاق الأشعرية: يجوز؛ لأن خبر الواحد عنده يقتضي العمل، وهذا عنده من باب العمليات، لكنه يمنع إثبات أسمائه تعالى بالأقيسة الشرعية، وإن كانت يُعمل بها في المسائل الفقهية، وقال بعض متأخريهم: يُمنع ذلك، فمن أجاز ذلك فَهِمَ من مسالك الصحابة - رضي الله عنهم - قبولَهم ذلك في مثل هذا، ومن مَنَع، ولم يسلّم ذلك، ولم يثبت عنده إجماع فيه، فبقي على المنع، قال المازريّ: فإطلاق "رفيق" إن لم يثبت بغير هذا الحديث الآحاد جرى في جواز استعماله الخلاف الذي ذكرنا، قال: ويَحْتَمِل أن يكون "رفيق" صفة فعل، وهي ما يخلقه الله تعالى من الرفق لعباده. انتهى كلام المازريّ.
قال النوويّ بعد نقل كلام المازريّ هذا: والصحيح جواز تسمية الله تعالى رفيقًا وغيره مما ثبت بخبر الواحد، وقد قدمنا هذا واضحًا في "كتاب الإيمان" في حديث: "إنّ الله جميل يحب الجمال" في "باب تحريم الكبر"، وذَكَرنا أنه اختيار إمام الحرمين. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي صححه النوويّ - رحمه الله - من ثبوت تسمية الله تعالى بخبر الواحد هو الحقّ الذي تؤيّده النصوص، وهذه المسألة قد استوفيت بحثها في "كتاب الإيمان" عند شرح حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -