للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عائشة - رضي الله عنها -، أن أبا بكر لعن بعض رقيقه، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا بكر اللعّانون، والصدّيقون، كلّا ورب الكعبة"، مرتين، أو ثلاثًا، فأعتق أبو بكر يومئذ بعض رقيقه، ثم جاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا أعود.

٣ - (ومنها): ما قاله النوويّ - رحمه الله -: فيه الزجر عن اللعن، وأن من تخلَّق به لا يكون فيه هذه الصفات الجميلة؛ لأن اللعنة في الدعاء يراد بها الإبعاد من رحمة الله تعالى، وليس الدعاء بهذا من أخلاق المؤمنين الذين وصفهم الله تعالى بالرحمة بينهم، والتعاون على البرّ والتقوى، وجعلهم كالبنيان، يَشُدّ بعضه بعضًا، وكالجسد الواحد، وأن المؤمن يُحِب لأخيه ما يحبّ لنفسه، فمن دعا على أخيه المسلم باللعنة، وهي الإبعاد من رحمة الله تعالى، فهو من نهاية المقاطعة والتدابر، وهذا غاية ما يَوَدّه المسلم للكافر، ويدعو عليه، ولهذا جاء في الحديث الصحيح "لعنُ المؤمن كقتله"؛ لأن القاتل يقطعه عن منافع الدنيا، وهذا يقطعه عن نعيم الآخرة، ورحمةِ الله تعالى، وقيل: معنى لعن المؤمن كقتله في الإثم، وهذا أظهر. انتهى (١).

٤ - (ومنها): ما قاله النوويّ - رحمه الله - أيضًا: إنما قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينبغي لصدّيق أن يكون لعّانًا"، و"لا يكون اللعانون شفعاء" بصيغة التكثير، ولم يقل: لاعنًا، ولا اللاعنون؛ لأن هذا الذمّ في الحديث إنما هو لمن كَثُر منه اللعن، لا لمرّة ونحوها، ولأنه يخرج منه أيضًا اللعن المباح، وهو الذي ورد الشرع به، وهو: لعنة الله على الظالمين، لَعَن الله اليهود والنصارى، لعن الله الواصلة، والواشمة، وشارب الخمر، وآكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، والمصوِّرين، ومن انتمى إلى غير أبيه، وتولّى غير مواليه، وغَيَّر منار الأرض، وغيرهم مما هو مشهور في الأحاديث الصحيحة. انتهى، والله تعالى أعلم (٢).

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّلَ الكتاب قال:

[٦٥٨٦] (. . .) - (حَدَّثَنِيهِ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ).


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٤٨ - ١٤٩.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٤٨ - ١٤٩.