للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أوله، وتشديد الموحّدة، من التنبيء، ويَحْتَمِل أن يكون بتخفيف الموحّدة، من الإنباء؛ أي: ألا أُخبركم (مَا الْعَضْهُ؟) "ما" استفهاميّة مبتدأ، خبرها "العضه"، وهو بفتح العين المهملة، وسكون الضاد المعجمة: البُهتان الذي يُحَيِّر، قال في "الصحاح": الْعَضْه: الرمي بالبهتان، وقال في "القاموس": عَضَهَ، كمَنَعَ: كَذَبَ، وجاء بالإفك والبهتان، وفلانًا: أبهته، وقال فيه ما لم يكن، وسَخِرَ، ونَمّ. انتهى (١).

وعَنْوَنَ بـ "ألا"؛ تنبيهًا على فَخامة ما يُلقيه من الكلام، وإشارةً إلى أنه يتعيّن معرفته، ويَقْبح الجهل به، والله تعالى أعلم.

(هِيَ النَّمِيمَةُ) ثم فسّرها بقوله: (الْقَالَةُ)؛ أي: القول (بَيْنَ النَّاسِ")؛ أي: هي نَقْل أقوال الناس بينهم على وجه الإفساد، وهو من الكبائر، قال الغزاليّ - رحمه الله -: النميمة: كَشْف ما يُكره كشفه، سواء كرهه المنقول عنه، أو المنقول إليه، أو ثالثٌ، وسواء كان بقول، أو كتابة، أو رمز، أو إيماء، وسواء كان عيبًا، أو نقصًا على المنقول عنه، أو لا، بل حقيقةُ النميمة إفشاء السرّ، وهَتْك السِّتر عما يُكره كشفه. انتهى (٢).

وقال النوويّ - رحمه الله -: "النميمة": هي نَقْل كلام الناس بعضهم إلى بعض، على جهة الإفساد، وقوله: "ما العضه؟ " هذه اللفظة رَووها على وجهين:

أحدهما: العِضَةُ بكسر العين، وفتح الضاد المعجمة، على وزن الْعِدَة، والزِّنَةِ.

والثاني: الْعَضْه، بفتح العين، وإسكان الضاد، على وزن الْوَجْه، وهذا الثاني هو الأشهر في روايات بلادنا، والأشهر في كتب الحديث، وكُتب غريبه، والأول أشهر في كتب اللغة، ونقل القاضي أنه رواية أكثر شيوخهم، وتقدير الحديث - والله أعلم -: ألا أنبئكم ما العضه الفاحشُ الغليظ التحريم؟ انتهى (٣).


(١) "فيض القدير" ١/ ١١٤.
(٢) "فيض القدير" ١/ ١١٤.
(٣) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٥٩.