٣ - (وَكِيعُ) بن الجرّاح الرُّؤَاسيّ الكوفيّ، تقدّم قريبًا.
٤ - (أَبُو كُرَيْبٍ) محمد بن العلاء الكوفيّ، أحد مشايخ الجماعة، تقدّم قبل ثلاثة أبواب.
والباقون ذُكروا قبله.
وقوله:(فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، إلخ) قال القرطبيّ - رحمه الله -: "يهدي": يُرشد ويوصل، والبرّ: العمل الصالح، أو الجنة كما قدّمناه. والفجور: الأعمال السيّئة. و"عليكم" من ألفاظ الإغراء المصرّحة بالإلزام، فحقٌّ على كل مَن فَهِم عن الله تعالى أن يلازم الصدق في الأقوال، والإخلاص في الأعمال، والصفاء في الأحوال، فمن كان كذلك لَحِقَ بالأبرار، ووصل إلى رضا الغفّار، وقد أرشد الله تعالى إلى ذلك كله بقوله عند ذِكر أحوال الثلاثة التائبين (١)، فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩)} [التوبة: ١١٩]، والقول في الكذب المحذَّر عنه على الضدّ من القول في الصدق، وقد تقدَّم القول في البرّ، والفجور، والهدى.
وقوله:(وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ، وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا) قال القرطبيّ - رحمه الله -: "يتحرى الصدق": يقصد إليه، ويتوخّاه، ويجتنب نقيضه الذي هو الكذب، حتى يكون الصدق غالب حاله، فيُكتب من جملة الصدِّيقين، ويُثْبَت في ديوانهم، وكذلك القول في الكذب، وأصل الكَتْب: الضمّ، والجمع، ومنه: كتبت البغلة: إذا جمعت بين شُفْريها بِحَلقة.
وقوله:{كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ}[المجادلة: ٢٢] جَمَعه، وثَبَّته، و {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}[المجادلة: ٢١]؛ أي: حكم وأوجب، فكأنه جمع ما حَكَم به في المحكوم عليه، وكتبتُ الكتاب: جمعت فيه المكتوب وثبّتّه، وقد تقدَّم القول في الصّديق، وخرّج أبو مسعود الدمشقيّ حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - هذا، وزاد فيه: "وإن شرّ الرَّوَايا روايا الكذب، وإن
(١) هم: كعب بن مالك، ومُرارة بن الربيع، وهلال بن أُميّة الواقفيّ، وكلهم من الأنصار - رضي الله عنهم -.