(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه -؛ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:)، وقوله: ("بَيْنَمَا) تقدّم غير مرّة أن "بينما" هي "بين" الظرفيّة زيدت عليها "ما"، ويقال فيها أيضًا: "بينا" بإشباع الفتحة، فتتولّد منها الألف، وهما ظرفا زمان، بمعنى المفاجأة، ويضافان إلى جملة من فعل وفاعل، ومبتدأ وخبر، ويحتاجان إلى جواب يتمّ به المعنى، ويقترن جوابهما كثيرًا بـ "إذ"، و "إذا"، فتقول: بينا زيد جالس إذ دخل عليه عمرو، وإذا دخل عليه، ومنه قول الْحُرَقة بنت النعمان [من الطويل]:
وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "حاشيته على البخاريّ": قوله: "بينما رجل يمشي": "بينما" ظرف يضاف إلى جملة، و"رجل" مبتدأ، خبره جملة: "يمشي بطريق"، والجملة مضاف إليها الظرف، والعامل في الظرف: "وَجَدَ غُصن شوك"، والأفعال الثلاثة بعده معطوفة عليه، والظرف إذا أضيف إلى الجملة يكون في الحقيقة مضافًا إلى مضمون الجملة، وهو هاهنا: مشى رجل في الطريق، ولا يخفى أن "بين" تقتضي التعدد في المضاف إليه، ولا تعدد هاهنا، فيقدر مضاف يحصل به التعدد، وهو الأوقات، فيصير التقدير: بين أوقاتِ مَشْي رجل في الطريق، وَجَدَ ذلك الرجل غصن شوك إلخ، قال: والابتداء بالنكرة إما لأن المدار على الإفادة، والظاهر: أن من يشترط التخصيص في النكرة عند وقوعها مبتدأ إنما يشترطه فيها عند كونها في جملة مقصودة بالإفادة، لا عند كونها في جملة تابعة لجملة أخرى، هي المقصودة بالإفادة، كما هاهنا يدلّ عليه تعليلاتهم، ولو سُلِّم اشتراط التخصيص في النكرة مطلقًا، فالظاهر أن هاهنا يقدّر الصفة؛ أي: رجل مذنب، بقرينة المغفرة على أنهم عَدُّوا "إذا" التي للمفاجأة من المسوّغات، نَصّ عليه البعض، والله تعالى أعلم.
قال: وأما قول القسطلاني -رَحِمَهُ اللهُ-: إن قوله: "يمشي بطريق" صفة "رجلٌ" وخبره: "وَجَد غصن شوك"، والجملة مضافة للظرف، فعجيب؛ إذ لا يتمّ الكلام حينئذٍ أصلًا؛ إذ يصير تمام الحديث كلمةَ "بين" مع ما أُضيف إليها من الجملة، ولا يتم الكلام من المضاف والمضاف إليه، ولا يبقى للظرف عامل أصلًا، اللَّهُمَّ إلا أن يقال: "فأخَّره" عامل في الظرف، وليس بمعطوف على